صلى الله عليه وسلم:"ما من مسلم تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه، إلا أدخلتاه الجنّة". (الجامع الصغير للسيوطي وحسّنه).
وكان المترجم رضي الله عنه يشكو في سنواته الأخيرة تارة من السكر، وتارة من الضغط، وآونة من الأملاح، وغيرها من أمراض الشيخوخة، على أن ذلك لم يكن ليقعده عن التأليف، ولقاء تلامذته، وتعليمهم، والردّ على الأسئلة، التي كانت تأتيه من المسلمين من مختلف البقاع، وفي السنة الأخيرة من عمره شعر بضعف في بصره، فأجريت له جراحة في إحدى عينيه، ثم أصيب باحتباس البول، ودخل مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية -بالأجر- وغادره في آخر ربيع الآخر، ولما زرته لآخر مرة، وأفطرت عنده يوم الجمعة ٢٧ من رمضان كانت تبدو عليه آثار الضعف، ولكنه كان سليم الحواس، حديد الذاكرة، وأملى عليّ بعض فوائد عن مكتبة طوبقبو بـ "الآستانة"، التى غادرها منذ أكثر من ثلاثين سنة، وفي شوّال عاوده احتباس البول، فدخل المستشفى الإيطالي، وغادره بعد شفائه، وقد أكّد لي الأخ الشيخ عبد الله عثمان أن المترجم ظلّ متمتعًا، بحواسه إلى آخر لحظات حياته.
ولذا فإن من يزعم أنه كفّ قبيل موته يكذب على الله، ويكذب على الأحياء من عباد الله، وفي يوم السبت السابق على وفاته شعر بأعراض الحمّى، فأحضر له الشيخ عبد الله عثمان -وكان يلازمه في المدّة الأخيرة- طبيبًا قرّر بعد فحصه أنه مصاب (بالأنفلونزا) وأمر له بدواء، وفي ليلة الأحد اشتدّت الحرارة، وزاد الضعف، وبعد ظهر يوم الأحد المذكور رأى الشيخ عبد الله أن الحالة تستدعي حضور بعض الإخوان لمعاونته على ما قد يحدث، فنزل قبيل العصر، ولما عاد في الساعة الخامسة إلا ثلثا وجده انتقل إلى رحمة الله تعالى منذ خمس دقائق، أي في الساعة الرابعة والدقيقة الخامسة والثلاثين من بعد ظهر يوم الأحد تاسع عشر ذي