للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العباسية حيث بقي به عشر سنوات، وفي أواسط سنة ١٣٦٨ هـ انتقل إلى المنزل رقم ٣ حارة الروم المتفرّعة من شارع الملك، وانتقل منه بعد أشهر يوم الاثنين ٢٠ من شوّال سنة ١٣٦٨ هـ إلى المنزل رقم ١٠٤ بشارع العباسيّة على يسار السالك من "مصر" إلى "مصر الجديدة" بجوار قسم الواسلي، وبه توفّي.

وكان قد تزوّج بعد اشتغاله بالتدريس، وذلك قبيل الحرب العالمية الأولى بالسيّدة الفاضلة التقيّة، التي شاركته أفراحه وأتراحه وساكنته في هجرته وغربته، وهي لا تشكو ولا تتذمّر، بل كانت مثال المؤمنة الصالحة التقيّة على الرغم مما نالها من بلاء يؤود الجبال، وما نزل بها من أحزام تئطّ منها الجمال، ولم يبن على غيرها طول حياته، ورزق منها ولدًا وثلاث بنات، مات الولد وإحدى البنات بـ "الآستانة" قبل هجرته، وماتت البنتان بـ "مصر".

فأما الآنسة سنيحة، فماتت أثناء إقامته الثانية بـ "حلوان" في ٢٠ من شوّال سنة ١٣٥٣ هـ بحمّى التيفوئيد، وأما السيّدة مليحة، فقد تزوّجت، ثم طلّقت لسبب صحي، وتوفيت ليلة الأحد من رجب سنة ١٣٦٧ هـ، وصلّى عليها بالحرم الحسينى يوم الأحد، ودفنت مع شقيقتها، وكانت وفاتها نتيجة ضعف عام من تسلّط مرض السكر على الرغم من صغر سنّها، وظلّت تصلّي إلى ظهر الجمعة، ثم أحسّت بانهيار، فأشهدت والدها أن عليها أداء الصلاة من عصر الجمعة.

فانظر إلى هذه المؤمنة التي تخرج من الدنيا وعليها صلاة يوم واحد بسبب وطأة المرض وشدّة الاحتضار، وقِس هذه الحالة على كثير ممن يدّعون الإسلام، ويزعمون الانتساب إليه، ثم لا يعرفون ما هي الصلاة.

وانظر قبل ذلك كله إلى ذلك الرجل الصالح الذي ربّى أولاده تربية إسلامية صحيحة، ثم احتسبهم عند الله صابرًا راضيًا، واذكر قول رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>