"الضعفاء". وقال ابن سعد: قليل الحديث. وقال الذهبي: روى القليل عن بكر المزني والحسن. وسلطان مثله يكون بقوّة الحكم لا بقوّة العلم، وقد روى عنه أنه لما قيل له: لو نظرت في شيء من كلام أبي حنيفة وقضاياه. قال: كيف أنظر في كلام رجل لم يؤت الرفق في دينه؟. فمن يكون زهده في الحديث كما سبق يكون زهده في الفقه، ورأي أبي حنيفة وأصحابه كما ترى، على أن زفر حيث حوّل وجوه المتفقّهين بـ "البصرة" إلى فقه أبي حنيفة كان رؤوس أهل "البصرة" من طوائف الفقه، لا يغتفرون ذلك لزفر، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}(الحديد: الآية ٢١). ومثل سوار في ضيق دائرة عمله وكلام أهل النقد فيه لا يتحاكم إليه في مثل زفر، بعد أن تواطأت القلوب مع الألسن عند جمهرة النقّاد على الثناء عليه خيرا، والشهادة له بالحفظ والإتقان، ودقّة الفهم، وشدّة الورع.
وأما أبو الفتح الأزدي فلا يكون مرضي المذهب والرأي عنده، إلا من كان رافضا مثله في الرأي والمذهب، والحاصل أن الجرح غير المفسّر لا يلتفت إليه إزاء صرائح التوثيق من أهل الشأن، وأما حكاية عدم رواية ابن مهدي عن زفر فشهادة على النفي، وعلى فرض ثبوتها لا يخلو ابن مهدي من تأثير الثوري عليه، وهو ضيفه النازل عنده المختفي لديه سنين، كما ذكرت في "لفت اللحظ"، حيث كان عنده بعض انحراف عن أبي حنيفة وأصحابه في بعض الروايات، كما هو شأن التنافس بين الأقران، على أن رستة عبد الرحمن بن عمر ظنين في ابن مهدي، كما ترى ذلك في "الميزان" وغيره، وبشر بن السري ممن أطالوا الكلام فيه، ولا مانع من أن يستاء الثوري من زفر، وقد بلغه ما قاله في جامع سفيان الثوري بـ "البصرة"، وذلك ما حكاه عكرمة بن عمّار أنه لما قدم زفر "البصرة"، ونقل إليه "جامع سفيان"، قال: هذا كلامنا ينسب إلى غيرنا. والكلام بين الأقران مما لا يلتفت إليه كثير عند أهل النقد، راجع ما ذكرناه في الثوري في "التأنيب" ص ١١٠.