ذلك في أولاده وأحفاده، فإذا كان نائما أو متعبا، ونبّه إلى الصلاة انتفض، وقام مسرعا، وطالما ذكر قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وفاته، وقوله (لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة).
وكان خِدْنا للقرآن، له ورد صباحيّ يوميّ، لا يدعه إلا مضطرا، مع إكثاره من الأذكار والأوراد، فلا تجده جالسا بدون عمل علمي، من تأليف أو تحقيق أو تعليم أو مذاكرة أو إفتاء، إلا وجدته يسبّح، ويحمد، ويهلّل، ويكبّر.
وكان رقيق القلب، سريع الدمعة، كثير العبرة، يفيض دمعه عند قراءة القرآن، وذكر الله، وقصص السلف والصالحين، وفي المواقف الروحانية، وعلى مآسي المسلمين وآلامهم، وعندما يمدح، ومن حضر حفل تكريمه عند الشيخ عبد المقصود خوجه المسمّى "الأثنينية" رآه كيف قطع الحفل كلّه بالبكاء.
وكان يألم ويحترق على مآسي هذه الأمة وأحوالها، وقد فقد سمعه بأذنه اليمني بعد أن زاره شخص، وحكى له عن مآسي المسلمين في بلد من البلدان، فحزن حزنا شديدا، وباتت ليلته حزينا مهموما، وفي اليوم التالي شعر بدم يسيل من أذنه، ثم ذهب سمعه.
ولقد ابتلاه الله بعد فقد سمعه في أذنه اليمنى بضعف بصره في عام ١٤١٠ هـ، فما رأيته شكى أو تشكّى، ولا ثناه ذلك عن الإنتاج العلمي، بل تجمّل بالصبر والتسليم والمثابرة على التأليف والتحقيق، مخافة أن يدركه الأجل، لم يخرج ما في صدره من الكتب.
ثم في آخر حياته قبل أربعة أشهر من وفاته أصيب بانفصال الشبكية في عينه اليمنى، وفقد بصره فيها، ثم أجرى لها عملية جراحية، لم تكلّل بالنجاح، وإنما أعقبته ألما شديدا في عينه ورأسه، وصفه كرمي السهام، فما