للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يلزمه أن لا يروي جميع الأخبار المتنافية، لأن ذلك يؤدي إلى تحير من يستفتي، ولا يحصل له التخلّص مما نزل به من الحادثة، فإذا أفتاه بالصحيح عنده، أو رَوَاه، حصلتْ للمُستفتي الفائدة، وفي هذا كفاية لكل ذي بصر.

فهذا يدل على أن قلّة الرواية عنه لا تدلّ على قلّة ما نقله من الأخبار والآثار، عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

هذا، ولئن سُلّم ما زعمه المشنّع من قلة الرواية، فجوابه أنا نقول: قال أبو عمر بن عبد البر (١): الذي عليه جماعة [فقهاء] المسملمين وعُلمائهم ذم الإكثار - يعني من الحديث - دون تفقّه ولا تدبّر، فالمكثر لا يأمن من مواقعة (٢) الكذب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم (٣)

ثم روى بسنده، عن قتادة، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم وكثرة الحديث، ومن قال عني فلا يقولنَّ إلا حقًا".

وروى بسنده أيضًا، عن وهب بن بقية (٤)، قال: سمعتُ خالد بن عبد الله، يقول: سمعتُ ابن شبرمة، يقول: أقلل الرواية تفقه.

وقال أيضًا (٥): أما طلب الحديث على ما يطلبه كثير من أهل عَصرنا [اليوم]، دون تفقة فيه، ولا تدبّر لمعانيه، فمكروه عند جماعة أهل العلم.

ثم ذكر (٦) بعد كلام طويل، قول الأعمش لأبي يوسف: أنتم الأطبَّاء، ونحن الصيادلة.


(١) جامع بيان العلم وفضله ٢: ١٢٤.
(٢) في الأصول "الموافقة".
(٣) زاد ابن عبد البر بعد هذا "لروايته عمن يؤمن وعمن لا يومن".
(٤) في الأصول "منبه".
(٥) جامع بيان العلم وفضله ٢: ١٢٧.
(٦) جامع بيان العلم وفضله ٢: ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>