وكان شاعر العصر الذي عاش فيه الكمال ابن الهمام، هو شهاب الدين المنصوري، أحمد بن محمد بن علي، المعروف بابن الهائم، والمولود في المنصورة سنة ٧٩٨ والمتوفى سنة ٨٨٧، فمدحه بقصيدة منها:
بحرُ خضم في العلوم زاخر … سيف صقيل في الحقوق مرهفُ
سل عنه في العلم وفي الحلم معًا … فهو أبو حنيفة والأحنف
لا ثانيا عطفا ولا مستكبرا … ولا أخو عُجب ولا مستنكف
لا يطرق الكبر له شمائلا … ولا يهز جانبيه الصَلَف
فهو من الخير وأنواع التقى … على الذي كان عليه السلف
فلو حلفت أنه شيخ الهدى … لصدَّق الناس وبر الحلف
يا دوحة العلم التي قد أينعت … ثمارها والناس منها تقطف
رحمه الله وجزاه عن الإسلام خير الجزاء.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله في "الفوائد"(ص ١٨١): قد طالعت من تصانيفه "فتح القدير" من الابتداء إلى كتاب الوكالة، وهو مبلغ تأليفه، و"تحرير الأصول"، و"المسايرة" في العقائد، و"زاد الفقير" مختصر في مسائل الصلاة، ورسالة في إعراب سبحان الله وبحمده، وكلها مشتملة على فوائد، قلما توجد في غيرها، وقد سلك في أكثر تصانيفه لا سيّما في "فتح القدير" مسلك الإنصاف، متجنّبا عن التعصّب المذهبي والاعتساف، إلا ما شاء الله، وقد أطال السيوطي في ترجمته في "البغية"، وقال: ولد سنة تسعين وسبعمائة، وتفقّه بالسراج قاري "الهداية"، ولازمه في الأصول، وغيره، وانتفع به، وبالمحب ابن الشحنة، لما قدم "القاهرة" سنة ثلاث عشمرة وثمانمائة، ولازمه، ورجع معه إلي "حلب"، وأقام عنده إلى أن مات، وأخذ العربية عن الجمال الحميدي والأصول، وغيره عن البساطي، والحديث عن أبي زرعة العراقي، وسمع الحديث