ومرّةً تلقّاه، وهو كطائر يطيرُ بجناحيه على قفَاه، مليح شفته لعساء، وهو أحلس، أمرط، لا ينجو عن الفادح، وقد ابتلي بالضرس مفلج الثنايا، مخضوب البنان، كريم المركب، يداه مبسوطتان، يقعدُ على النهر، ويُدْلي رجليه فيه، فلمّا، يقوم يتكلّم، فيسيل الدمُ من فيه براعة، قد تتنفّس في جنح الظلماء، جريح غسق جرحه، وهو ملقى الأمعاء، طويل العماد، دعامة من أوتاد الأفراد، ساقه يراوح بين قدميه، قائما على ساق رقيق، لا يستخدم بدون الغلّ، وليس بإباق آدم، أعطي لسانا وشفتين، وله قوّة مودَعَة في الزائدتين الناتئتين، ماض ذو الثلاثة بمضارع مقرون، لا يأمن الكسر، وإن قارن النون، وضع لإنشاء المدح أو الذمّ دخل تحت الإبهام، وهو على جسم نام متحرّك في بعض الأحيان، جوهر يقوم به الأعراض من الألوان، فتى ذو حال، كلّما أحال لا يخلو كلامُه عن القيل والقال بشواة ربما تضرب، وحوصلتها ملئة علقتْ كثير التغرّب في عين حمئة أعجب به ملاعب ظلّه إذ عبر ما لم يبلله القطر لم ينتظرْ، وإذا أنبت ريشُه لا يتمكّنُ من المطار إلى أن يحصل خبر صليب العود، قويّ العصب، لا يأوي إلا إلى ظلّ ذي ثلاث شعب مخيف، لا يخلو من النقش في الأسفار، مستخف بالليل، وسارب بالنهار.
ومن العجائب: أنه كليم مقوال، وفي فيه جار سيّال مرسال، قارة يقربها الحمالُ، فتسيل بقطع عروقها في الحال، ملك صاحب الغار، يقال له: ذو المنار، وهو جائع غريق بعسطش بأنف شامخ، وأذن شرقاء رعوم، ذو ناب له خرطوم، وله في وصف السيف فيا سائلي عن أصل ذلك النصل استمع لما يتلى عليك في هذا الفصل أنه نصّ قاطع وبرهان ساطع، ذو النون ذهب مغاضبا، فالتقمه الحوتُ، فنادى في ظلمة فاحمة، فنبذناه، وأنبتنا عليه شجرة قائمة، ذو القرنين بقبضته الشرق والغرب، وله اليد الطولى في كلّ