إياه، وكان محمد بن الحسن يعدّ هذا اكتفاء بشمّ العلم، حيث لم يرحل أبو يوسف إلى مالك، ورحل هو إليه، كما هو معروف، لكن لم تكن حاجة أبي يوسف إلى "الموطأ" كحاجة محمد إليه لسعة دائرة أبي يوسف في معرفة الأحاديث والآثار.
وروى وكيع القاضي في "أخبار القضاة" عن أحمد بن إسماعيل السهمي عن مطرف الأصمّ، قدم هارون "المدينة" ومعه أبو يوسف، فبعث إلى مالك بن أنس بأمر أمير المؤمنين أن يخرج إليه، فكتب إليه مالك، يا أمير المؤمنين! إني رجل عليل، فإن رأى أمير المؤمنين أن يكتب إليَّ بما أراد فعل، فاراد أن يكتب إليه، فقال له أبو يوسف: ابعث إليه، حتى يجيئ إليك، فبعث إليه، فجاء في دار مروان، وقد هيّئ لكلّ إنسان مجلس، فهيئ لمالك مجلسه الذي له، فقال له أبو يوسف: ما ترى في رجل حلف لا يصلي نافلة أبدا، قال: يضرب ويحبس، حتى يصلّي، قال: فجاء هارون، فقال له أبو يوسف: يا أمير المؤمنين! إني سألت مالكا عن كذا وكذا، فقال: كذا، فقال له هارون: وترى ذلك يا أبا عبد الله! قال: لا، قال أبو يوسف: أليس أفتيتني بذلك؟ قال: بلى، ولكن أبا يوسف رجل عراقي، إن أفتيته بترك النافلة يفتي الناس بترك الفريضة، وأنت لا أخافك على ذلك، فلمّا خرج مالك خرج معه أبو يوسف، يتوكأ عليه (أي لعلته)، ومالك يقول له: ارجع حتى بلغه منزله.
وروي أيضا عن محمد بن إسماعيل السلمي، ومحمد بن العباس الكابلي، عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، عن مالك بلغني أن أبا يوسف جاءه إنسان، فقال: إني حلفت بطلاق امرأتي لأشترينّ جارية، وذلك يشتدّ عليّ لمكان زوجتي ومنزلتها عندي، فقال له أبو يوسف: فاشتر سفينة، فهى جارية، لكن المبلغ لم يضبط، وإنما السؤال عمن يراد حلفه على أن لا يشتري