وأصحابه (يسمّون)، فأغروا به نائب هارون بن أبي الجيش، فاعتقل أبا جعفر الطحاوى بسبب اعتبار الأوقاف.
قال ابن زولاق: وسمعت أبا الحسن علي بن أبي جعفر الطحاوي يقول: سمعت أبي يقول، وذكر فضل أبي عبيدة بن حربويه وفقهه، فقال: كان يذاكرني بالمسائل، فأجبتُه يوما في مسألة، فقال لي: ما هذا قول أبي حنيفة، فقلتُ له: أيّها القاضي أوَ كلّ ما قاله أبو حنيفة أقول به؟ فقال: ما طننتُ إلا مقلّدا، فقلتُ له: وهل يقلّد إلا عصبيّ؟ فقال لي أو غبيّ. قال: فطارتْ هذه الكلمةُ بـ "مصر"، حتى صارتْ مثلا، وحفظها الناس. قال: وكان الشهود ينفسون على أبي جعفر بالشهادة، لئلا يجتمع له رياسةُ العلم وقبولُ الشهادة، فلم يزلْ أبو عبيد في سنة ٣٠٦ هـ، حتى عدله بشهادة أبي القاسم مأمون، ومحمد بن موسى سقلاب، فقبله، وقدمه، وكان أكثر الشهود في تلك السنة قد حجّوا، وجاوروا بـ "مكة" فتمّ لأبي عبيد ما أراد من تعديله، وكان لأبي عبيد في كلّ عشية مجلس لواحد من الفضلاء، يذاكره، وقد قسم أيام الأسبوع عليهم، منها عشية لأبي جعفر، فقال له في بعض كلامه: ما بلغه عن أمناء القاضي وحضه على محاسبتهم، فقال القاضي أبو عبيد: كان إسماعيل بن إسحاق لا يحاسبهم، فقال أبو جعفر: قد كان القاضي بكّار يحاسبهم، فقال القاضى أبو عبيد: كان إسماعيل … وقال أبو جعفر قد حاسب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمناءه، وذكر له قصّة ابن الأتبية (١).
(١) بالهمزة رواية، والمشهور باللام بضم فسكون، وقيل: بفتحتين. وبنو لتب من الأزد، وحديث ابن اللتبية عبد الله في استعماله على صدقات بني سليم، وبني ذبان في "صحيح البخاري" في الجمعة والزكاة والحيل والأحكام. (الكوثري).