للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلمّا بلغ ذلك الأمناء لم يزالوا، حتى أوقعوا بين أبي عبيد وأبي جعفر، وتغيّر كلّ منهما للآخر، وكان ذلك قرب صرف أبي عبيد عن القضاء، قال: فلمّا صرف أبو عبيد عن القضاء أرسل الذي ولي بعده إلى أبي جعفر بكتاب عزله، قال: فحدّثني علي بن أبي جعفر، قال: فجئتُ إلى أبي، فهنأته، فقال لي أبي: ويحك أهذه تهنئة؟ هذه والله تعزية، مَنْ أذاكر بعده أو مَنْ أجالس؟. قال ابن زولاق: ولما تولّى عبد الرحمن بن إسحاق الجوهري القضاءَ بـ "مصر" كان يركب بعد أبي جعفر، وينزل بعده، فقيل له في ذلك، فقال: هذا واجب، لأنه عالمنا، وقدوتنا، وهو أسنّ مني بإحدى عشرة سنة، ولو كانتْ إحدى عشرة ساعة لكان القضاء أقلّ من أن أفتخر به على أبي جعفر، ولما ولي أبو محمد عبد الله بن زبر قضاء "مصر"، وحضر عنده أبو جعفر الطحاوي، فشهد عنده، أكرمه غايةَ الإكرام، وسأله عن حديث ذكر أنه كتبه عن رجل عنه من ثلاثين سنة، فأملاه عليه. وقال: وحدّثني الحسين بن عبد الله القرشي، قال: وكان أبو عثمان أحمد بن إبراهيم بن حمّاد في ولايته القضاء بـ "مصر"، يلازم أبا جعفر الطحاوي، يسمع عليه الحديث، فدخل رجل من أهل أسواء، فسأل أبا جعفر عن مسألة، فقال أبو جعفر: من مذهب القاضي أيّده الله كذا وكذا، فقال: ما جئتُ إلى القاضي إنما جئتُ إليك، فقال له: يا هذا! من مذهب القاضي ما قلت لك، فأعاد القول، فقال أبو عثمان تفتيه، أعزّك الله، فقال: إذا أذنت أيّدك الله أفتيته، فقال: قد أذنت، فأفتاه، قال: فكان ذلك يعدّ في فضل أبي جعفر، وأدبه. اهـ.

وكان أبو عبيد في غاية المعرفة بالأحكام، وأبو عثمان القاضي حفيد إسماعيل القاضي، كان ملكيا كجده ولم يكنْ اختلاف المذاهب يوثّر في

<<  <  ج: ص:  >  >>