قال: فتكلّمت فيها مع بعض فُقهاء الشافعية، فقال: صنِّفْ هذه المسألةَ، وبكّرْ بها غدًا إليَّ.
ففعَلت، وبكرتُ بها إليه، فأخذ مني الجُزء، وانصرفت.
فلمّا كان ضحوة النهار طلبني الوزيرُ إلى حضرته، فقال: يا أبا الحسين! قد عرضتْ تلك المسألة بحضرة أمير المؤمنين، وتأملها، فقال: لولا أن لأبي الحسين عندنا حُرُمات لقلّدته أحد الجانبين، ولكن ليس في أعمالنا أجل عندي من الحرمين، وقد قلّدته الحرمين.
فانصرفت من حضرة الوزير، ووصل العهد إليَّ، فكان هذا السبب فيه.
قال الحاكم: زادني بعضُ مشايخنا في هذه الحكاية، أن القاضي أبا الحسين، قال: قلتُ للوزير: أيّد الله الوزير، بعد أن رضى أمير المؤمنين المسألة وتأمّلها، وجب على الأمير أن يُنجز أمره العالي، بأنه يرد السهم إلى ذوي الأرحام. وأنه أجاب إليه، وفعله.
قال الحاكم: تُوفي القاضي ضحوة يوم السبت، الحادي والعشرين من المحرّم، سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وصلّى عليه الشيخ أبو العبّاس الميكالي. انتهى.
وأبو العبّاس هذا هو إسماعيل بن عبد الله بن ميكال الميكالي الأديب، شيخ "خراسان"، ووجيهها (١)، رحمه الله تعالى.
قال الإمام اللكنوي رحمه الله تعالى: حكى عنه أنه قال: حضرت مجلس النظر لعلي بن عيسى الوزير، فقامت امرأة تتظلم من صاحب التركات،
(١) المتوفى سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، عن اثنتين وتسعين سنة، وهو الممدوح بمقصورة ابن دريد. انظر ترجمته في شذرات الذهب ٣: ٤١، ومعجم الأدباء ٧: ٥ - ١٢.