و"مقامات الحريري"، وشروحها، و"مقامات بديع الزمان الهمذاني"، ورسائله، و"اللزوميات" لأبي العلاء المعرِّي، و"معجم البلدان" لياقوت الحموي، لكثرة ما فيه من الأخبار الأدبية والطرائف الشعرية، ونوادر الوقائع النفيسة للعلماء.
ومع هذا الاطلاع الواسع على الأدب وتاريخه وعلومه، ومع رهافة الذوق الأدبى عنده، كثرة محفوظه من الشعر الأصيل وروايته له، لم يكن يقرض الشعر، ولا عُرِفَ عنه أنه مارس نظمه.
وكان مما أعانه على سعة اطلاعه في الفقه وتبحّره فيه، وعلى ارتوائه من علوم الأدب والعربية: ما كان لديه من مكتبة كبيرة عامرة، جمعت نوادرَ المطبوعات القديمة والحديثة في تلك العلوم، كما جمعتْ نحوَ ألف كتاب مخطوط، من نفائس الكتب والخطوط المشهورة المعتبرة، المخطوطة بيد مؤلّفيها أو غيرهم من أكابر العلماء المتقنين، في مختلف الفنون والعلوم.
وقد تجمّعتْ لديه تلك المخطوطات على آماد متطاولة، وانتخبها انتخابَ العالم البصير، إذ كان في مطلع شبابه يتاجر بالمخطوطات، ويجلبها من جهات متعدّدة، فكان ينتقي منها النفائس انتقاءَ العارف الخبير، ويستبقيها لنفسه وخِزَانته، وقلّما يُدخِل فيها مخطوطا دون أن يستوفيه قراءة، أو يُلِمَّ بمعظم ما فيه.
وغدت لهذه المكتبة الخطّية التي عنده شهرة واسعة النطاق، لدى رُغَياب الكتب المخطوطة من عرب وأجانب، وكان بسببها له صلة وثيقة دائمة مع العلامة أحمد تِيْمُور باشا، رحمه الله تعالى، في "مصر"، وسافر إليه مرّات، وتعامل معه.