بكر أشراف قريش أن يعينوهم على خزاعة بالرجال والسلاح، فوعدوهم، ووافوهم بالوتير متنكرين متنقبين، فيهم صفوان بن أمية، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص بن الأخيف، فبيتوا خزاعة ليلا، وهم غارون آمنون، فقتلوا منهم عشرين رجلا، ثم ندمت قريش على ما صنعتْ، وعلموا أن هذا نقض للمدّة والعهد، الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا من خُزَاعة، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بالذي أصابهم، ويستنصرونه، فقام وهو يجرُّ رداءَه، وهو يقول: لا نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي، وقال: إن هذا السحاب ليستهلّ بنصر بني كعب، وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم "المدينة" يسأله أن يجدّدَ العهدَ، ويزيدَ في المدة، فأبى عليه، فقام أبو سفيان، فقال: إني قد أجرت بين الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت تقول: ذلك يا أبا سفيان، ثم انصرف إلى "مكة"، فتجهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخفى أمرَه، وأخذَ بالأنقاب، وقال اللّهم خذ أبصارَهم، فلا يروني إلا بغتة، فلما أجمع المسير كتب حاطبُ بن بلتعةَ إلى قريش يخبرهم بذلك، فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب والمقدادَ بنَ عمرو، فأخذا رسولَه وكتابَه، فجاءا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مَنْ حولَه من العرب، فجلهم أسلم، وغفار، ومزينة، وجهينة، وأشجع، وسليم، فمنهم من وافاه بـ "المدينة"، ومنهم من لحقه بالطريق، فكان المسلمون في غزوة الفتح عشرة آلاف، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على "المدينة" عبدَ الله بنَ أم مكتوم، وخرج يومَ الأربعاء لعشر ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر.