يحكى أنه مرض، وهو يسكن في بعض الحجرات، فعاده المولى المرحوم فيها ثلاث مرّات، ولما صار ملازما منه درّس أولا بـ "مدرسة بايزيد باشا" بمدينة "بروسه" بعشرين، ثم بـ "مدرسة واجد باشا" بـ "كوتاهيه" بخمسة وعشرين، ثم بـ "مدرسة القاضي الأسود بتره" بثلاثين، ثم بـ "المدرسة الخنجرية" في "بروسه" بأربعين، ثم بـ "المدرسة المشهورة بمناستر" في "المدينة المسفورة" بخمسين، ثم نقل إلى "مدرسة رودس" بالوظيفة المزبورة، ثم عاد إلى "مغنيسا" بسبعين، ثم قلّد قضاء "حلب"، ثم نقل إلى قضاء "بروسه"، ثم صار قاضيا بالعسكر في ولاية "أناطولي"، وبقي فيه عدّة أشهر، فنقل إلى قضاء العسكر في ولاية "روم إيلي"، ودام فيه خمس سنين.
كان بينه وبين عطاء الله معلّم السلطان مصاهرة واتصال، فحصل له بسببه شوكة العظمة والإقبال، فنال ما نال من الأمتعة والأموال، ولم يقدرْ أحد على المعارضة والسؤال، إلى أن أشرف المولى عطاء الله جلبي على الموت والانتقال، فتحرّك عداه، واغتنموا الفرصة على أذاه، ودبّ عقاربهم، وقام أباعدهم وأقاربهم، وسعوا فيه، حتى عزل، وأفل بدره، لكن رفع من الجهة الأخرى قدره، فعيّن له كلّ يوم مائتا درهم، وكان العادة والقانون في وظيفة أمثاله مائة وخمسين.
وتوفي في ربيع الأول سنة ثمانين وتسعمائة، وقد أناف عمره على سبعين سنة، وقد اتفق موته على هيئة مرضية وصفة رضية، تدلّ على حسن خاتمته وسعادته في عاقبته.
يحكى أنه قام ضحوة يوم، فتوضّأ، وأسبغ الوضوء، ولبس الألبسة النظيفة، وصلّى ركعات، وأخذ بيده سبحة، واضطجع على فراشه، واشتغل بالتسبيح والتهليل، فعاجله سهم المنية، وهو على تلك الفعلة السنية، فانتقل