ذلك بتربية بعض الحواشي السلطانية، وتقريبه إلى السلطان المزبور بالمعارف الجزئية كالشعر والإنشاء.
ولما انتقل السلطان إلى جوار الرحمن رمي المرحوم بسهام العزل والهوان، ولما فتحتْ "جزيرة قبرس" في دولة السلطان سليم خان قلّد بطلبه قضاء الجزيرة المرقومة، وسلّم إليه زمام الحكومة في جميع قلاعها وبلادها وتلالها ووهادها، فمن كمال التفرّق والتشتّت لم يمكن له نظم أمورها في سلك الاعتدال، فاستغنى عن المنصب، ورضي بالانفصال، فعزل، وعاد إلى "قسطنطينية" مرّة أخرى، وتقاعد بوظيفته الأولى، ثم اتفق للسلطان سليم خان رغبة في صحبته بتعريف بعض الحواشي وتزيينه، فطلب، وهو على الصيد في بعض البقاع، فتيسّر له التشرّف بالدخول والاجتماع، ثم إن المسفور أحسَّ من السلطان المزبور كمال التوجّه إليه، فخاف من تقدّمه عليه، وندم ذلك النديم على ما فعل، فأعمل أسباب المكر والحيل، ولم يقصر في السعي والاجتهاد، حتى قدر على التفريق والإبعاد.
وقد توفي رحمه الله تعالى في أوائل رجب المرجّب سنة سبع وثمانين وتسعمائة.
كان المرحوم مشاركا في بعض العلوم ذا حظّ وافر من الشعر والإنشاء، ويد ظاهرة في الإملال والإملاء، بدأ بترجمة "كيمياء السعادة" للإمام علي أحسن النظام، إلا أنه لم يتيسّرْ له الإتمام، وله مكاتيب على أساليب مرغوبة، وأفانين مطلوبة، فتارة يختار فيها الحروف العارية عن النقط، وتارة يلتزم في كلمه حرفا واحدا فقط.