كتب "صحيح البخاري" بخطّه المأهول بالضبط والتبيان، وسمعه على أبي العبّاس أحمد الحجّار بقراءة الأستاذ أثير الدين أبي حيّان.
وباشر نيابة السلطنة بـ "الديار المصرية"، ستّ عشرة سنة، واستمرّ بـ "حلب" أربع سنين، ثم لحق بجوار من تكل عن وصفه الألسنة، رحمه الله تعالى.
وذكره ابن حجر، في "أنباء المائة الثامنة"، وقال في حقّه: اشتغل على مذهب الحنفية، ومهر فيه، إلى أن صار يعدّ في أهل الإفتاء.
وكانتْ له عناية بالكتب عظيمة، جمع منها جمعًا ما جمعه أحد من أبناء جنسه، وكان الناس قد علموا رغبته في الكتب، فهرعوا إليه بها.
وكان خيّرًا ساكنًا، قليل الغضب، حتى يقال: إنه لم يسمع منه أحد طول نيابته بـ "مصر" و"حلب"، كلمة سوء، وكان للملك به جمال.
وكان له حنو على ابن الوكيل، وأبي حيّان، وابن سيّد الناس، وغيرهم. انتهى.
وأرغون هذا، هو الذي أمر بحفر "نهر الساجور"، وإجرائه إلى "حلب"، وجمع الناس على ذلك، واجتهد فيه بحيث كمل في نحو ستة أشهر، وأنفق عليه جملة من المال، وكان يوم وصوله يومًا مشهودًا، وكان قبل أرغون هذا بعض النواب قصد سوقه إلى "حلب"، كما فعل أرغون، فقيل: من ساقه يموت من عامه. فتأخّر عنه، وقيل مثل ذلك لأرغون، فقال: لا أرجع عن خير عزمت عليه.
فقدر الله تعالى أنه مرض، ومات من عامه، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.