وكان قد حجّ، وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلّم، ودخل "العراق"، وطاف "الحجاز"، و"الشام"، و"بلاد المغرب"، وشاهد الرجال، والشيوخ، وقرأ عليه ثلاثة آلاف رجل من شيوخ زمانه، وقصد "أصبهان" لطلب الحديث في آخر عمره.
وكان يقال في مدحه: إنه ما شاهد مثل نفسه.
وكان مع هذه الخصال الحميدة زاهدًا، ورعًا، قوّامًا، مجتهدًا، صوّامًا، قانعًا، راضيًا، أتى عليه أربع وسبعون سنة، ولم يدخل أصبعه في قصعة إنسان، ولم يكن لأحد عليه منه ولا يد، في حضره ولا في سفره.
مات ولم تكن له مظلمة، ولا تبعة، من مال، ولا لسان.
كانتْ أوقاته موقوفة على قراءة القرآن، والتدريس، والرواية، والإرشاد، والهداية، والعبادة.
خلف ما جمعه طول عمره من الكتب وقفًا على المسلمين.
كان تاريخ الزمان، وشيخ الإسلام، وبقيّة السلف والخلف.
مات ولا فاته في مرضه فريضة، ولا واجب، من طاعة الله تعالى، من صلاة، ولا غيرها، ولا سال منه لعابٌ، ولا تلوّث ثياب، ولا تغيّر لونه.
وكان يجدّد التوبة، ويكثر الاستغفار، ويقرأ القرآن.
قال أبو الحسن المطّهر بن علي المرتضى: سمعتُ أبا سعد إسماعيل السمّان، يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام.
وصنّف كتبًا كثيرة، ولم يتأهّل قط.
مضى لسبيله، وهو يبتسم، كالغائب يقدم على أهله، وكالمملوك المطيع يرجع إلى مالكه.