وبذكر صاحب "تذكرة الخليل" أن "بي صفية" كانت تقرأ القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك أربعين مرّة، وذلك بالتزامها كلّ يوم بقراءة المصحف كاملا، ومعه عشرة أجزاء، هذا مع قيامها بأمور المنزل، لأنها تعوّدتْ أن تقرأ القرآن من الذاكرة أثناء قيامها بالعمل المنزلي.
أما في الشهور العادية، أي غير شهر رمضان المبارك، فكانت "بي صفية" تقرأ كلّ يوم منزلا واحدا من المصحف الشريف، وبذلك كانت تختم القرآن بأكمله مرّة واحدة في الأسبوع، كما كانت كذلك تلتزم طوال الوقت بالأدعية والأذكار المأثورة، إذ كانت تصلّي على رسول الله صلى الله عليه وسلّم خمسة آلاف مرّة، وتقول: لا إله إلا الله مائتان وألف مرّة، وحسبي الله نعم الوكيل خمسمائة مرّة، وسبحان الله ثلاثمائة مرة، والحمد لله ثلاثمائة مرّة، والله أكبر ثلاثمائة، والاستغفار أي أستغفر الله العظيم خمسمائة مرّة، وأفوّض أمرى إلى الله مائة مرّة، وربي أني مغلوب فانتصر مائة مرّة، وربي أني مسني الضرّ وأنت أرحم الراحمين مائة مرّة، ولا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين مائة مرّة كلّ يوم، وغير ذلك من الأذكار المسنونة.
ومن المعروف: أن هذا المنهج الدارسي، والنظام اليومي هو الذي كان متبعا لدى معظم نساء الأسرة، وهو يعيد إلى الأذهان صورة الأعمال الصالحة، والشغف بالعبادة عند أمّهات المؤمنين في صدر الإسلام، وإذا كان هذا هو حال معظم النساء وفتيات تلك الأسرة، فما بالك برجالها، الذين جرّدوا أنفسهم لخدمة دين الله، والجهاد لإحياء سنة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم.