أما منِ ارتدَّ بعده، ثم أسلم، ومات مسلما، فقال العراقي: فيهم نظر، لأن الشافعي وأبا حنيفة نصًّا على أن الردة محبطة للصحبة السابقة، كقرة بن ميسرة، والأشعث بن قيس. وجزم الحافظ ابن حجر شيخ الإسلام ببقاء اسم الصحبة له، كمن رجع إلى الإسلام في حياته، كعبد الله بن أبي سرح.
وهل يشترط لقيه في حال النبوَّة أو أعمّ من ذلك، حتى يدخل من رآه قبلها، ومات على الحنيفية، كزيد بن عمرو بن نفيل، وكذا من رآه قبلها، وأسلم بعد البعثة، ولم يره؟. قال العراقي: ولم أرَ من تعرَّض لذلك، وقد عدّ ابن منده زيد عمرو في الصحابة. هل من الملائكة صحابة؟ الملائكة أجسام نورانية قادرة على التشكيل والظهور بأشكال مختلفة، وهي تتشكل بأشكال حسنة، شأنها الطاعة، أحوال جبريل مع النبي صلى الله عليه وسلم حين تبليغه الوحى وظهوره في صورة دحية الكلبي تؤيد رجحانَ هذا التعريف للملائكة على غيره. والملائكة لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، ولا يتوالدون، فمن وصفهم بذكورة فسق، ومن وصفهم بأنوثه أو خنوثة كفر، لقوله تعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} الآية. ومسكنهم السماوات، ومنهم من يسكن الأرض. وقد دل على وجودهم الكتاب والسنَّة والإجماع، فالمنكر كافر، وإذا فيجب الإيمان إجمالا فيمن علم منهم إجمالا، وتفصيلا فيمن علم بالشخص، كجبريل، وميكائيل، أو بالنوع كحملة العرش، والحافين من حوله، والكتبة والحفظة، وقد خلق الله الملائكة جندا له منفذين لأوامره في خلقه، فمنهم ساكن السماوات، وأفضلهم حملة العرش، والحافين من حوله، وهم الكروبيون، ومنهم الموكَّلون بالنار، وهم الزبانية مع مالك، ومنهم الموكَّلون بالجنة لإعداد النعيم مع رضوان، ومنهم سفير الله إلى أنبيائه، وهو جبريل، والموكَّل