فهل بعد تعديل الله عزَّ وجلَّ ورسوله صلى الله "عليه وسلم تعديل؟!! فأقول ولله الحمد والمنة:
قال الإمام النووي: الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به. قال إمام الحرمين: والسبب في عدم الفصل عن عدالتهم أنهم حَمَلَة الشريعة، فلو ثبت توقّف في روايتهم لانحصرت الشريعة على عصره صلى الله عليه وسلم، ولما استرسلت سائر الأعصار.
قال أبو زُرْعة الرازي: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدّى ذلك كلّه إلينا الصحابة، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنّة، فالجرح بهم أولى.
قال ابن الصلاح: ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم، فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتدّ بهم في الإجماع أحيانا للظن بهم، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكان الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك، لكونهم نقلة الشريعة".
قال الخطيب البغدادي في "الكفاية" مبوّبا على عدالتهم: ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم، وإنما يجب فيمن دونهم كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي، الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لإن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن.
والأخبار في هذا المعنى تتسع، كلها مطابقة لما ورد في نص القرآن، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم.