للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكم من أحاديث قد استدلّ بها له -أن للمذهب النعماني-! وكم من آثار احتجّ بها له! كم من المسائل الجزئية في الفقه الحنفي قد رصَّصَ بنيانها! وكم من قواعد كلّية وضوابط عامّة للمذهب أسّس عمرانها! كم من غوامض ودقائق وصل إليها فكره! وكم من سوانح وقتية جاد بها نظره، وسمح بها لسانه.

قد قضى نحو ثلاثين عاما وهو شطر عمره الشريف في خدمة مذهب إمامنا ومقتدانا، الإمام القطب الذي تدور حوله رحى الفقه من فقهاء الأمصار، الإمام الكوفي أبي حنيفة التابعي رحمه الله، فيحاز كنوزا وذخائر من الدلائل والشواهد واللآثار والمتابعات.

وضبط ذلك في مضابطه، وجمع فيها ذخائر لو بسطت اليوم مرتّبة منتظمة مفصّلة على الطريقة التأليفية على الأوراق، وجمعتْ نقول الأسفار التي أحال عليها برمز صفحاتها لبلغتْ أجزاء كبيرة مما يتعلّق بالفقه الحنفي فقط دون سائر العلوم، فلو أمعن خبير عاقل في مساعيه الجميلة وآثاره الباقية الصالحة لاعترف بمِنَن هذا الشيخ، ولاعترف بأن وجوده كان تأييدا ربّانيا للمذهب النعماني بدا في هذه القرون المِجْدِبَة والعصور الماحلة.

وكان يقول: ما رأيتُ مسألة في الفقه الحنفي لم تكنْ لها حجج مؤزَّرَة أزيد من مذاهب الأئمة أو مساوية لها، اللّهم إلا في مسألة الخمر، فإن دلائل الجمهور فيها غالبة كثيرة لم أفزْ لقول الإمام بشئ يُقاوِم براهينَهم، وكان يذكر مسألة أخرى نسيتُها الآن.

وكان ينبّه الطلبة تنبيها عظيما بأن لا يذهب وَهَلُكم إلى ضعف مذهب إمام من الأئمة المجتهدين، فكلّهم أئمة قدوة، ولنا فيهم أسوة، ولكلّ

<<  <  ج: ص:  >  >>