وكان لا يقدر على النظم قبل ذلك، فسهل عليه بعد ذلك طريقة النظم، وذهب إلى "قسطنطينية"، ودخل على السلطان بايزيد خان، فأعطاه السلطان بايزيد خان مقدارا من الذهب.
وقال: إن هذا المال حصل لي من طريق الحلال، وقد حصل ذلك بكسب يدي، وأوصاه أن يجعله في قنديل الصدقات في التربة المطهّرة -صلوات الله تعالى وسلامه على سكنها- وأن يقول عند التربة المطهّرة: يا رسول الله! إن راعي أمّتك العبد المذنب بايزيد يقرئك السَّلام، وأرسل هذا الذهب الحاصل من طريق الحلال، ليصرف إلى زيت قنديل تربتك، وتضرّع إليك أن تقبل صدقته، فامتثل الشيخ أمره، وفعل كما أوصاه.
ثم إن الشيخ حجّ، وجاورَ بـ "مكّة المشرّفة" سنة، وكتب الكتاب الذي أمر به عند الحجر الأسود، وصار كتابا حافلا، وفتح الله عليه هناك من المعارف ما لم يخطرْ بباله قبل ذلك، وأدرجها في ذلك الكتاب، ثم إنه أتى "المدينة المنوّرة"، ولبس حلسا من أحلاس الدوابّ، وأمر بأن يشدّ يداه خلف ظهره، وأتى القبّة الشريفة سحبا على وجهه، باكيا، متضرّعا، مستشفّعا بصاحبها -صلوات الله تعالى وسلامه عليه-.
وكان خارج القبّة عصا لها شأن عظيم، يحفظها خدّام التربة المقدّسة، وأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الشيخ المذكور بأن يأخذ تلك العصا، ويشقّها ثلاث قطع، ويضع قطعة منها في تربة السيّد البخاري بمدينة "بروسه"، وقطعة أخرى منها في تربة الشيخ الحاج بيرام بمدينة "أنقره"، وقطعة أخرى في تربة شيخ آخر، نسي الراوي اسمه، ولما أراد الشيخ المذكور أخذ العصا نازعه خدّام التربة المطهّرة إلى أن حضر رئيسهم، فأمرهم بدفعها إليه بإشارة إليه من النبي عليه السَّلام.