وقع نظره عليه رفع رأسه، وأشار بيده، ودعا إليه، فلمّا حصل عنده قال له" لم لم تدخل في هذه الحلقة، ولا تلتحق بتلك الطائفة؟ فأجاب بأن في قلبي ما يمنعني عن ذلك، ويعوقني عنه، وهو إتمام مراسم الطريق، وإحراز مآثر العلوم الظاهرة، والاجتماع بالمولى الفلاني، والاشتغال عليه، فإذا حصل إلي ذلك لا يبقى في خاطري ما يشوش عليّ، فألتحق بكم، وأدخل في مذهبكم، ولما انتبه ومضى عليه الستون، وتنقّلت به الأحوال والشؤون، وهو مكبّ على الطلب والاشتغال واكتساب الفضل والكمال، إلى أن أتى "قسطنطينية" فبين هو يسير في بعض طرقاتها بزمرة من خلانه، وطائفة من إخوانه، فإذا بأصوات عالية تخرج من زاوية، فقصد المرحوم هذا المكان بمن عنده من الأصحاب والخلان، فإذا بقوم يذكرون الله المجيد، ويرفعون أصواتهم بالتمجيد والتوحيد، وصفت الملائكة بهم، وأنزلت السكينة في قلوبهم، فقرب منهم فإذا براجل مراقب يراصد ربّه، ويراقب، فلمّا حضر عنده قال ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، واعلم أن المولى الفلاني قد مات، وذهب عرض الاشتغال عليه، وفات، فتأمّله المرحوم، فإذا هو الذي رأى في المنام، وجرى بينهما من الكلام، فلم يؤخر في الإنابة والابتهال، وتاب على يده في الحال ..
ثم سأل عن الرجل فإذا هو الشيخ رمضان، والزاوية زاوية علي باشا، وكان الشيخ رمضان المزبور معدودا من الرجال، ومعروفا بالفضل والكمال، صاحب الكرامات الجلية، والمراتب العلية منها ما حكاه المرحوم.
وقال إني كنت في بعض الأحيان عند الشيخ إذ دخل عليه شخص، وسلّم عليه، وقال: إن المولى محي الدين المشتهر بجوي زاده يسلّم عليكم، ويسألكم عن فصوص الشيخ ابن العربي، هو على الحق أو الباطل، وكان