التقطه السلطان غياث الدين تغلق في بعض غزواته، طريحا في الأرض يوم ولد فيه، فاقتناه، وربّاه في مهد الإمارة، وجعله من خاصّته، ولما تولّى المملكة محمد شاه، قرّبه إليه، وولّاه الأعمال الجليلة، فصار ركنا من أركان السلطنة.
وكان فاضلا، عادلا، شجاعا، مقداما، سخيا، حسن الأخلاق، شديد التمسّك بالشريعة المطهّرة، شديد الحسبة على الملوك والأمراء، لا يخاف في الله، ولا يهاب فيه أحدا، أنكر على فيروز شاه مرّة على شرب الخمر، فأقطعه فيروز شاه حصار "فيروزه"، ونفاه من حضرته، كذلك انقبض عنه محمد شاه تغلق مرّة. فكتب إليه هذه الأبيات:
آه ندانم از كجا رنجيده … بي سبب از دوستان ببريده.
بانك في خوش ميزند جانان من … ناله بيجاكان نشنيده.
در تو ياري هركز اين عادت نبود … از طريق خود مكر كرديده.
كو كناهي كرده أم ما را ببخش … زانكه تو جندين كنه بخشيده.
از تتار خسته يا الله العظيم … نيست جرمي بي سبب رنجيده.
فلمّا قرأ محمد شاه هذه الأبيات أكرم مثواه، وقرّبه إليه، وهو مع هذا القرب والمنزلة سار إلى الحرمين الشريفين، فسعد بالحجّ والزيارة.
قال شمس الدين العفيف في "تاريخه": إنه لم يزلْ يشتغل بالعلم، ويجالس العلماء، ويذاكرهم، ويحسن إليهم، وإنه صنّف كتابا في التفسير، وسمّاه "التاتار خاني"، وهو أجمع ما في الباب.
وصنّف بأمره عالم بن العلاء الدهلوي "الفتاوى التاتارخانية".