"بنارس"(١) انحاز عنه، وسافر إلى "كلكته"، وتقرّب إلى نائب الملك العام، وعاش مدّة في مصاحبته، وتعلّم اللغة الإنجليزية واللاطينية، وأقبل على العلوم الرياضية إقبالا كلّيا، واشتغل بها مدّة من الزمان، علّق أقرانه، بل على من تقدّمه من العلماء في تلك العلوم، وجاء إلى بلدة "لكنو" مع جنرل بالمر، سنة ستّ أو سبع وتسعين ومائة وألف.
ثم ذهب إلى "كلكته"، وتردّد إلى "لكنو" غير مرّة، وبعثه آصف الدولة صاحب "أوده" إلى "كلكته" بالسفارة إلى الدولة الإنكليزية سنة ثلاث ومائتين وألف، فاستقلّ بها مدّة، ثم ولّاه الوزارة سنة إحدى عشرة ومائتين، فاستقلّ بها زمانا، ولما تولّى المملكة سعادت علي خان دبّر الحيلة لإخراجه، فبعثه إلى "كلكته"، ووعده أن يصل إليه منشور السفارة بـ"كلكته"، فلم يف به، فاغتمّ بذلك، وابتلى بأمراض صغبة، ورجع إلى "لكنو"، فلمّا وصل إلى "اهزاري باغ" مات بها، كما في "قيصر التواريخ".
قال التستري في "تحفة العالم": إنه كان نادرة من نوادر الزمان، معدوم النظير، في العلم وكثرة الدرس، والإفادة، مع اشتغاله بالمهمّات، وكان من عادته: أن لا يأكل الطعام في اليوم والليلة إلا مرّة واحدة، وأن لا ينام إلا في ساعات معدودة من النهار من الفجر إلى الضحى، وكان يشتغل بتدريس الفنون الرياضية من الضحى إلى الهاجرة.
(١) "بنارس": مدينة مشهورة في "الهندا"، لكونها عاصمة دينية للهنادك، موقعها على الضفة اليسرى من "كنك" في عرض ٢٥ درجة ٣٤ دقيقة شمالا، وطول ٨٣ درجة ودقيقة واحدة شرقا، وهي مدينة البراهمة، فيها كثير من الهياكل، عددها ليس أقلّ من ألف هيكل، وأشهرها هيكل "شيو" الذهبي، إلا أنه ليس بجميل جدا، و"دركا كند"، وهو هيكل القردة المقدّسة عندهم، والهنادك يحجّون إليها من أقطار البلاد، ويزعمون أنه من مات بها نجا لا محالة، وهي مركز لتجارة متسعة في "الشيلان"، والبفتة، والألماس، وغير ذلك.