وتخرّج عنده جمع من العلماء كتب حواشي على "الكشّاف" وصنّف "شرح الإيضاح" في المعاني، و"شرح الأنموذج" في الطبّ.
روي أن المولى المذكور من نسل الإمام فخر الدين الرازي، وهو رابع مرتبة منهم، لأنه هو المولى جمال الدين محمد بن محمد بن محمد ابن الإمام فخر الدين محمد الرازي، - روّح الله أرواحهم.
وكان - رحمه الله - مدرّسا في بلاد "قرامان" بمدرسة مضهورة بمدرسة السلسلة، وقد شرط بانيها أن لا يدرّس فيها إلا من حفظ "الصحاح" للجوهري، فتعيّن لذلك المولى جمال الدين المذكور في زمانه. وكان طلبته ثلاث طبقات، الأدنى منهم من يستفيدون منه في ركابه عند ذهابه إلى الدرس، وسمّاهم بالمشّائية، والأوسطين منهم من يسكنون في رواق المدرسة، وسمّاهم الرواقيين، على عادة الحكماء الأقدمين، والأعلى منهم من يسكنون في داخل المدرسة.
وكان يدرّس أولا للمشّائين في ركابه، ثم ينزل عن فرسه، ويدرّس للسكنين في الرواق، ثم يدخل المدرسة، ويدرّس للسكنين في داخلها، وكان المولى الفناري سكنا في رواق المدرسة، لحداثة سنّه في ذلك الوقت.
روى أنه لما بلغ السيّد الشريف صيت المولى جمال الدين المذكور ارتحل إلى "بلاد الروم" ليقرأ عليه، فلمّا قرب منه رأى شرحه لـ "لإيضاح" فلم يعجبْه، حتى روي أنه قال في حقّه: إنه كالذباب على لحم البقر، وإنما قال ذلك لأن "الإيضاح" كتاب مبسوط، لا يحتاج إلى الشرح، إلا في بعض المواضع، والمولى المذكور كتب في شرحه المتن بتمامه، وضرب عليه بالمداد الأحمر، فبقي الشرح فيما بينه كالذباب على لحم البقر.
ولما قال السيّد الشريف هذا الكلام في حقِّه قال له بعض الطالبين: إن تقريره أحسن من تحريره، فقصده السيّد الشريف، فأتى بلاد "قرامان"، فصادف دخوله إلى البلد موت المولى المرحوم جمال الدين، ولقي السيّد