وأدخله أكبر شاه في الجندية تحت قيادة الأمير الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان، فرافقه كرها مدّة من الزمان، وكان مائلا إلى الترك والتجريد، فاستعفى عن الخدمات السلطانية غير مرّة، ولما رأى أن أكبر شاه لا يقبل استعفاءه صار مجنونا، فبعث السلطان أبا الفضل المبارك إليه، فأحلّ عليه أن لا يترك الخدمة فلم يجبه، واعتزل عن الناس، ووافقتْه.
صاحبته في الترك والتجريد، فجاء إلى "دهلي"، ولازم الشيخ عبد الباقي النقشبندي، وخدمه مدّة حياته.
وكان بارعا في المعارف الإلهية، شديد التعبّد، كثير التلاوة، يختم القرآن في كلّ شهر خمس عشرة مرّة.
قال الخوافي في "مآثر الأمراء": إن زوجه كانت تعطيه اثنى عشر ألفا من النقود كلّ سنة، فيبذلها على أهل الزاوية، وقال: إنه ترك البحث والاشتغال بعد ما أناب، وعاش ثلاثين سنة بعد ترك الخدمة في غاية من التورّع والتشرّع. انتهى.
وقال الكشمي في "زبدة المقامات": إنه كان لا يقدر أن يجلس على مسند الإرشاد بغلبة الترك والتجريد، فأقام يخدم الشيخ المرشد مدّة حياته، ثم قام بتربية أبناء الشيخ. انتهى.
توفي غرّة صفر سنة ثلاث وأربعين وألف بـ "أكبر آباد"(١)، فدفنوه بها، ثم نقلوا جسده بعد أيام إلى "دهلي"، ودفنوه في مقبرة شيخه الشيخ عبد الباقي، كما في "الأسرارية".
* * *
(١) أكبرآباد: يحدّها من الشرق صوبة "إله آبادا"، ومن الشمال نهر "كنك"، ومن الجنوب صوبة "مالوه" ومن الغرب صوبة "دهلي"، طولها مائة وخمسة وسبعون ميلا، وعرضها مائة ميل، … ولها ثلاثة عشر "سركار"، وثمان وستون ومائتا عمالة، أما "سركاراتها" فهي "أكبر آباد"، باري ألور، بجارا أيرج، كالبي، سالوتر، قنُّوج، كول، بروده، منداور، مندلابور، كواليار.