وكان إسحاق هذا يقول: قد دخلت في الدعوة التي دعا بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بقوله:"طوبى لمن رآني، ومن رأى من رآني، ومن رأى من رأى من رآني".
وروى الخطيب أن أنس بن مالك، رضى الله تعالى عنه، دعا لحسَّان المذكور، وقال له: بارك الله فيك. فكان أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب الأزرق يقول: كان من بركة دعاء أنس لحسَّان، أنه عاش مائة وعشرين سنة، وخرج من أولاده جماعة فقهاء وقضاة، ورؤساء، وصلحاء، وكتاب، وزهَّاد.
وكان مولد حسَّان سنة ستين من الهجرة، ووفاته سنة ثمانين ومائة.
وروى عن بعض ولده أنه قال: كان جدّنا حسَّان بن سنان يكنى أبا العلاء، وولد بـ "الأنبار"، في سنة ستين من الهجرة، على النصرانية، وكانت دينه ودين آبائه، ثم أسلم وحسن إسلامه، وكانت له حين أسلم ابنة بالغة، فأقامت على النصرانية، فلمَّا حضرتها الوفاة وصت بمالها لدَيَرة تَنُوْخَ بـ "الأنبار".
وكان حسَّان يتكلّم، ويقرأ، ويكتب بالعربية والفارسية والسريانية، ولحق الدولتين، فلمّا قلدا أبو العبّاس السفَّاح ربيعة الرأي القضاء بـ "الأنبار"، هي إذ ذاك حَضْرَتُه، أُتي بكتب مكتوبة بالفارسية، فلم يحسن أن يقرأها، فطلب رجلًا دينًا ثقة، يحسن قراءتها، فدلّ على حسَّان بن سنان، فجَاءَ به، فكان يقرأ له الكتب بالفارسية، فلمّا اختبره، ورضي مذهبه، اسْتَكْتَبَه على جميع أمره.
وكان حسَّان قبل ذلك رأى أنس بن مالك، خادم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وروى عنه، ولا نعلم هل رأى غيره من الصحابة أم لا؟ ومات جدّنا حسَّان، وله مائة سنة وعشرون سنة، رحمه الله تعالى.