للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمنطق، والهيئة، والطبّ، قارئًا بالعشر والشواذّ، حنفيًا، عالمًا باللغة العبرانية، ويناظر أهلها، يحفظ في كلّ فنّ كتابًا.

دخل "الشام"، وأقام بـ "القدس" مدّة، فاجتاز به العزيز بن الصلاح بن أيوب، فرآه عند الصخرة يدرّس، فسأل عنه، فعرف منزلته في العلم، فأحضره ورغبه في المصير معه إلى "مصر"، ليقمع به الشهاب الطوسي، فورد معه، وأجرى له كلّ شهر ستين دينارًا، ومائة رطل خبزًا، وخروفًا، وشمعة كلّ يوم، ومال إليه الناس، وقرّر العزيز المناظرة بينه وبين الطوسي، وعزم على أن يسلك معه مسلكًا في المغالطة؛ لأن الطوسي كان قليل المحفوظ، إلا أنه كان جريئًا مقدامًا.

فركب العزيز يوم العيد، وركب معه الطوسي والظهير، فقال الظهير للعزيز في أثناء الكلام: أنت يا مولانا من أهل الجنة. فوجد الطوسي السبيل إلى مقتله، فقال له: وما يدريك أنه من أهل الجنة، كيف تزكّي على الله، ومن أخبرك بهذا؟ ما أنت إلا كما زعموا أن فأرة وقعت في دنّ خمر، فشربت فسكرت، فقالت: أين القطاط؟ فلاح لها هر، فقالت: لا تؤاخذ السكارَى بما يقولون. أنت شربت من خمر دنّ هذا الملك فسكرت، فصرت تقول خاليًا: أين العلماء؟ فأبلس الظهير، ولم يجد جوابًا، وانصرف، وقد انكسرت حرمته عند العزيز.

وشاعت هذه الحكاية بين العوامّ، وصارت تحكى في الأسواق والمحافل، فكان مال أمره أن انضوى إلى مدرسة الأمير الأسدي، يدرّس بها مذهب أبي حنيفة، إلى أن مات يوم الجمعة، سلخ ذي القعدة، سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.

وكان مولده سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

قال في "الدر الثمين" كان يحفظ في التفسير "كتاب التفسير" لتاج القرّاء، ويحفظ في الفقه "الجامع الصغير" لمحمد بن الحسن، و"الوجيز"

<<  <  ج: ص:  >  >>