وكانت وفاته في مدينة "إستانبول"، في شهر ذي الحجّة، صبيحة عيد الأضحى، سنة خمس وسبعين وتسعمائة، ودفن خارج باب "أدرنة"، بالقرب من قبر الأمير البخاري.
كذا أملاني هذه الترجمة أحد أولاد صاحبها.
وكان - كما أخبرني به ولده الفاضل البارع محمد جبلي الشهير بالسعودي - عالمًا عاملًا، له يد طولى في كثير من العلوم، خصوصًا الفقه وأصوله، وكان على طريقة السلف في التواضع والخضوع، وعدم الميل إلى الدنيا، وكان متثبّتا في أحكامه، بصيرًا بأمور القضاء، مع العفّة الزائدة والدين المتين.
وقد خلف من الولد ثلاثة، أنجب كل منهم وفاق الأقران، وبلغ في المكارم الغاية، وأخذ من الفضائل بأوفى نصيب، وأوفر حظّ.
فأكبرهم الفاضل العالم البارع مصطفى جلبي، المدرّس الآن، وهو سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة، بإحدى المدارس السليمانية.
أخذ العلم عن أبيه، وعن غيره من علماء "الديار الرومية"، ودخل مع أبيه "الديار العربية"، واجتمع ببعض علمائها، وأخذ عن أكابر فضلائها، وأجازوه بالرواية عنهم، ومهر في العربية وغيرها من الفنون، وقد جمع الله له من الهيبة، والوقار، ومحبّة الناس، ما هو لائق بحضرته الشريفة الهاشمية.
والثاني هو الإمام الفاضل العلامة محمد جلبي السعودي، المذكور سابقًا، أدام الله سعده، وخلد عزّه ومجده.
أخذ العلم عن أبيه، وعن غيره من أعيان علماء "الروم"، وبرع في العلوم، المنطوق منها والمفهوم، ورحل إلى ديار العرب، ومهر في علم الأدب، وهو الآن مدرّس بإحدى المدارس الثمان، لا يفتر عن الاشتغال، والإفادة والاستفادة، والمطالعة والتحرير، مع الدين، والورع، والتقوى، والقيام مع الحقّ، ومساعدة فقراء الطلبة، تارة بجاهه، وتارة بماله.