ولد بـ "بغداد"، وتولى الحِشبَة فيها، ثم القضاء، ثم قدم "القاهرة"، فاستقرّ بها في قضاء الحنفية، فباشر بصرامة ومهابة، لكنه كان كثير المزاح والهزل والسخف وبذاءة اللسان، مع عدم معرفة بالشروط والسجلات، وعدم مساركة في الفقه وغيره، وعيّ في لسانه، واجتراء على رفقته وعلى غيرهم، حتى آل الأمر إلى أن هجم جماعة من المطبخ السلطاني، كان أساء إلى بعضهم، وحكم على بعضهم، فأقاموه، وخرقوا عمامته في عنقه، ومزّقوا ثيابه، وتناولوه بالنعال، حتى أدركه بعض الأمراء وهو يستغيث، واستنقذه منهم، وقبض على بعضهم، فعاقبه، ثم شيّعه إلى منزله بـ "الصالحية"، فاقتحم العوام عليه بيته، فنهبوه، وكانت وَقْعَةً شنيعة، ثم اقتضى رأي أهل الدولة أن أخرجوه من "القاهرة"، وشيّعوه على أقبح صورة.
وكان سبب تسليط العامة عليه أنه أفتى بقتل سلطان ذلك الوقت.
ويحكى عنه من السخف أن المرأة كانت إذا تحاكمت إليه مع زوجها ينظر إليها، ويفحش في مخاطبتها، حتى قال لامرأة مرة: اكشفي وجهك. فأسفرت، فقال لوالدها: يا مُدَمَّغ، مثل هذه تزوّجها بهذا المهر، واللَّه إن مبيتها ليلة واحدة يساوي أكثر منه.
وكان يعاقب بالضرب الشديد، والتعزير العنيف، قيل: إنه مرّ برجل راكب وفي يده فَرَّوجان، وقد جعل رجلهما بيده، ورؤوسهما منكَّسة، فلمّا رآه وقف وطلب الرسل، فأخذوا الرجل، وأحضروه إلى "الصالحية"، فقال له: كيف يحلّ لك أن تأخذ حيوانًا تجعل رجليه في يدك، ورأسه إلى أسفل، اصلُبُوا هذا حتى يعرف إن كان هذا الفعل يضرّ، فحصلت فيه شفاعة، فاختصر أمره على أن ضربه ضربًا مؤلمًا.