ومنها: كتب الأمالي" المروية عن أبي يوسف، والإملاء أن يقعد العالم، وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيقول بما فتحه الله عليه من ظهر قلبه، وتكتبه التلامذة، ثم يجمعون ما يكتبونه في المجالس، ويصير كتابًا، فيسمّونه الإملاء والأمالي.
وكان ذلك عادة لعُلماء السلف من الفقهاء، والمحدثين، وأصحاب العربية، فاندرست لذهاب العلم وأهله، وإلى الله تعالى المصير.
وإما بروايات مُفردة، مثل رواية ابن سماعة، ومعلَّى بن منصور، وغيرها، في مسائل مُعينة.
الثالثة: الفتاوى، وتسمى الواقعات أيضًا، وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئل منهم، ولم يجدوا فيها رواية عن أصحاب المذهب، وهم أصحاب أبي يوسف ومحمد، وأصحاب أصحابهما، وهلمَّ جرا، وهم كثيرون، موضع ضبطهم كتاب "الطبقات" لأصحابنا.
وغالب من يُنقل عنهم المسائل أصحاب أبي يوسف ومحمد، كمحمد بن سلمة، ونصير بن يحيى، وأبي القاسم الصفَّار.
ومن أصحاب أبي يوسف، مثل عصام بن يوسف، وابن رستم.
ومن أصحاب محمد، مثل أبي حفص البخاري، وكثيرين.
وقد يتفق لهؤلاء العُلماء أن يخالفوا أصحاب المذاهب، لدلائل وأسباب، ظهرت لهم بعدهم.
وأول كتاب جُمِع في فتاويهم "كتاب النوازل" للفقيه أبي الليث السمرقندي، وكذلك "العُيون" له؛ فإنه جمع صور فتاوي جماعة من المشايخ، ممن أدركهم بقوله: سئل أبو القاسم في رجل كذا أو كذا، فقال: كذا وكذا. سئل محمد بن سلمة عن رجل كذا وكذا، فقال: كذا أو كذا، وهكذا.