قاضي القضاة بـ "الديار المصرية"، المعروف والده بقراجلبي.
أخذ عن أبيه، وصار ملازمًا منه، ودأب، وحصل، وصار له فضيلة تامة.
وولي المناصب الجليلة، ودرس بسلطانية "ابروسة"، وبإحدى المدارس الثمان، والسليمانية بـ "إستانبول"، والسليمية بـ "أدرنة"، ومنها ولي قضاء "دمشق"، سنة خمس وثمان وتسعمائة، في أواسط شعبان، ثم ولي قضاء "القاهرة"، في شهر ذي القعدة، من شهور سنة سبع وثمانين، ثم عزل منها بعد مدّة، وهو الآن حي يرزق.
وستأتي ترجمة والده في محلّها، إن شاء اللَّه تعالى.
وما زال يترقى، حتى صار قاضيًا بالعسكر المنصور، بولاية "أنا طولي"، ثم بولاية روملي، ثم عزل بعد مدّة ليست بالطويلة، من غير جرم ظاهر، وعين له من العلوفة بطريق التقاعد ما جرت به عادة أمثاله.
ولما ولي قضاء العسكر أولًا وثانيًا، عزم على إحياء القانون العثماني، الذي وضع في أول الأمر سببًا لتحصيل الفضائل، وتحرّزًا عن إعطاء المناصب لغير أهلها، فكانت لام العاقبة سالبة لا كاسبة، وما أمكنه ذلك، فأراد أن يعطيها لكلّ من يكون من أهل العلم، سواء جاء من الطريق المعهودة أم لا، فما أمكنه ذلك أيضًا، لأمور يطول شرحها، ويولم القلب جرحها، ومن أعظم الأمور المذكورة، بل هو أعظمها، شدّة الطمع، واستيلاء حبّ الدنيا على من بيده أزمة الأمور، من رؤساء الجمهور، فأبقى كلّ شيء على حاله، وأنشد بلسان قاله:(١)