يقول الناسُ ما أوْجَفْتَ خَيْلًا … على مُتَهضِّمِيك ولا رِكَابَا
بِشِعْرِكَ أمْ بِشَعْرِكَ لاح شَيْبٌ … فقلتُ كِلاهما ضَعُفَا وشَابَا
وذاك لأنَّ رِيح الظُّلْمِ هَبَّتْ … عليه فصار أمْدَحُهُ عِتَابَا
فيا لَيْتَ الذي أعطى وُعُودًا … حَثَا في وَجْهِ مادحهِ التُّرابَا
فقد يَجِدُ الوَرَى في التُّرْبِ تِبْرًا … ويُثْرِبُ طالبُ النُّجْحِ الْكِتَابَا
وقد مَخَضَتْ وطَابَ الشِّعْر قَبْلِي … يَدٌ أخْلَتْ مِن الزُّبْدِ الوطَابَا
ولكنِّي تَتَبَّعْتُ الخَفَايَا … بِفِكْرٍ ذَلَّلَ النُّكَتَ الصِّعابَا
ولِلَّنيْرُوزِ في الزَّوْرَاءِ سُوقٌ … ومَن بالجِدِّ أم بالهَزْلِ حَبابَا
هي الدَّارُ التي يَلْقاكَ فيها … حَبِيبُكَ يومَ نَائِبَةٍ حَبابَا
وما الْعَرَبيُّ بالأعرابِ نَاجٍ … إذا عَدِمَ القَلائِصَ والعِرَابَا
ولولا أنَّ ذا الشَّرَفَيْنِ بَحْرٌ … لِعِفْتُ مع الصَّدَى النُّطَفَ العِذَابَا
غَدَا لِقلائِدِ الأوصْافِ جِيدًا … وقَلَّدَ جُودُه الْمِنَنَ الرِّقابَا
كأني كلَّما انْتظَمتْ مَعانِي … أمِينِ الدَّوْلةِ اسْتَفْتَحْتُ بابَا
كأنَّ الفَضْلَ سِيقَ إليه ذوْدًا … ليأخُذَ حَقَّهُ ويَرُدَّ نَابَا
فليس بسامِعٍ إلَّا صَوابًا … وليس بقائلٍ إلَّا صَوابَا
متى نَاظَرْتَه أرعْاكَ سَمْعًا … وكان البَحْرَ ينْتَجِعُ السَّحَابَا
وعَزَّكَ أن تُجِيب له مَقَالًا … فأسْلَفَ قبلَ تَسْألهُ الجَوَابَا (١)
يَعُدُّ مَطالِبَ الدُّنْيَا حُقُوقًا … وحُرْمَةَ قَصْدِهِ نَسَبًا قُرَابَا
فلو عَزَّ الثَّراءُ به أرَانَا … وجَدِّكَ مِن مَكارِمهِ عُجَابَا
إمامُ أئمَّةِ العُلَماءِ طُرا … وقُدْوَةُ كلِّ مَن فَهِمَ الخِطابَا
أقِم نورَ الهُدَى أوَدِي برَأيٍ … فسَهْمُك في كِنَانَتِهِ أصَابَا
ولا تُغْفِلْ من النَّفَحاتِ حَظِّي … فَرَسْمُ نَدَاكَ كالوسْميِّ صَابَا
(١) عزَّك: غلبك.