وصادفت أهليته متقدّمة على القراءة، فوجبت إجازته بها، بل وكلّ ما كان في معناها، فأجزته بهذا الفنّ، وبما أجزت به من أصول وعربية ومنقول ومعقول، والمسئول منه تذكّرى بدعائه الصالح، واللَّه تعالى يديم النفع به، إنه سميع قريب جواد مجيب.
وبلغني أنه لما رام قراءة "المسايرة" عليه أشار ببحثه له أولا، مع أبي العباس السرسي، ففعل، وكذا اجتمع بالقاياتي، وسمع عليه وبشيخنا، وقرض له فيما قيل بعض مناظيمه، وهي كثيرة، فاثنتان في أصول الدين، وواحدة في علم الحديث، وأخرى في السيرة النبوية، وأخرى في أحوال الموت، سماها "المبشّرة"، وأخرى في العربية، وأخرى في فقه الحنفية، وأخرى في "شرح الكنز"، وأخرى في أصول الشافعية، لم تكمل واحدة من الثلاثة، وأخرى اسمها وجوه القرآن، وشرحها، وعمل رسالة في علم الكلام، سماها "السلسلة"، وشرحها، وشرح الحكم لابن عطاء اللَّه، وغير ذلك، كنظم "التلخيص"، ولقيته في زاوية القادرية بـ "القرافة"، فسمعت من لفظه أشياء، لم أكتبها، وكان فاضلا ممن يميل إلى ابن عربي، وينظر في "فتوحاته المكية"، وقام عليه أبو القاسم النويري بسبب ذلك، كما بلغني، وفي الآخر استقرّ في مشيخة جامع ابن نصر اللَّه بقوة، وتصدّى للإقراء والإفتاء على مذهب الشافعي، وحفظ "المنهاج" حينئذ في مدّة يسيرة، وكذا حفظ إذ ذاك "المشارق" للصغاني، و"تفسير الديريني المنظوم" كلّ هذا وقد ناف على السبعين، واستمرّ بقوة، حتى مات في يوم الخميس ثالث المحرّم سنة أربع وسبعين، ودفن داخل مقام أبي النجا فيها، رحمه اللَّه وعفا عنه.
ورأيت له قصيدة تسمى "زهر الكمام في شرح حال الوضوء والصلاة والصيام" على مذهب الشافعي، أرّخ هو كتابته لها في ربيع الأول سنة عشرين، وكذا رأيت بخطّه المؤرّخ كذلك له عقيدة أهل الحق، وطريقة أهل