للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها: إنهم إن أرادوا بالأحوال الأحوال الكلّية فإسناد المعرفة إليها غير جائز، لأن المعرفة لا تتعلّق بالأمور الكلّية، بل بالأمور الجزئية، ولذا لا يقال: علمت اللَّه، بل يقال: عرفت اللَّه، كذا في "المطوّل".

وإن سلّمت صحّة التعلّق هاهنا، لأن اختيار لفظ منه يدلّ على أن الأحوال مستفادة من الطبّ، وليست عينه، بخلاف الأحوال الكلّية، فإنها داخلة فيه، فظهر أن إسناد المعرفة إلى الأحوال غير صحيح.

وإن أرادوا بالأحوال الأحوال الجزئية فهو أيضًا محال، لأن معرفة الأحوال الجزئية متأخّرة من الطبّ، وباعتبار أنه جزء مقوّم لماهيته مقدّم عليه، فيلزم أن يكون الشيء الواحد متقدّما ومتأخّرًا، وهذا محال بالضرورة.

ومنها: أن لفظ الزوال مشترك بين معنيين مختلفين، وهما الانتقال والعدم، واستعمال اللفظ المشترك ممنوع في التعريفات.

ومنها: أن الزوال في قوله: "زائلة" لا يمكن استعماله بكلا المعنيين، فبالمعنى الأول يلزم الانتقال، وبالمعنى الثاني يلزم إعادة المعدوم، وهما محالان عندهم.

وقال في البحث الخامس في المزاج بعد شكوك عديدة، قالوا: إن المزاج الإنساني يعرض له اعتبارات ثمانية: اعتبار بحسب النوع، واعتبار بحسب الصنف، واعتبار بحسب الشخص، واعتبار بحسب العضو، كلّ واحد منها إما بحسب الخارج أو الداخل، وللكلّ عرض بين الإفراط والتفريط، وهاهنا شبهة تفرّدت بها ترد بعد تسليم مقدّمات ثلاث عند الكلّ. أحدها: أن المزاج النوعي الإنساني منحصر بين الإفراط والتفريط. وثانيها أن المزاج الشخصي لكلّ فرد فرد على حدة. وثالثها: أن الأفراد غير متناهية، لتقدّم النوع على مذهب الحكماء، فيلزم بعد التسليم انحصار

<<  <  ج: ص:  >  >>