وعلى محمد بن التاج الحنفي الهيئة والكلام، وبرع في الفنون ونظم الشعر، مع جودة الفهم، لقيني في أوائل سنة أربع وتسعين بـ "مكة" وكان قد قدم هو وأخوه قاسم وعمّهما للحجّ، فأدركوا الحجّ في التي قبلها، وكانت الوقفة الجمعة، فحجّوا، ثم توجّهوا للزيارة النبوية، ثم عاد، وقرأ عليّ جميع "شرحي" لألفية الحديث من نسخة حصلها الثلاثة بخطوطهم، وانتهى من قراءته في ربيع الأول، وامتدحني بأبيات كتبتها فيما امتدحت به، كتبت له إجازة هائلة مشتملة على أمور مهمة في نحو ثلاثة كراريس، وأثبت له من جملتها ترجمة البدر الدماميني لسؤاله في ذلك، لكونه مات في "الهند"، وزدت له ترجمة الغلاء البخاري الحنفي، ونبهت على تكفيره لابن عربي، وتكفير من يعتقده، ويعتقد مقاله، وجاء انتفاعه بذلك في دفع من يعتقده، ويشتغل بتصانيفه لكون العلاء معروف الجلالة بينهم، بحيث قرأ عليه صاحب كلبرجا، وكان يرسل له الهدايا الجزيلة، ثم نبهت على دخول الصلاح الأقفهسي أيضًا بلاد "الهند"، ولازمني في غضون قراءته، هو وأخوه، حتى سمعا عليّ من أول "البخاري" إلى قبيل قصّة عكل وعرينة بنحو صفحة، وهو في النصف الثاني منه، وكذا من الصيد والذبائح، وهو أول الربع الأخير منه إلى باب خواتيم الذهب، واختصّ هو بسماع المسلسل من لفظي بشرطه، وبثلاثة أحاديث من عشارياتي، وبحديث عن أبي حنيفة، وبمصنّفي في ختم "البخاري"، وأعطيت منه نسخة وبسماعه بقراءة غيره لبعض شرحي لـ "تقريب النووي"، وغير ذلك، ووصفه بالشيخ الفاضل البارع الكامل المفنّن المعين المجيد المفيد الفهّامة البسّامة الناظم العالم الأوحد الأمجد نخبة المحصّلين، وتحفة الطالبين، من برَّز في كثير من العلوم العقلية، وتحرّز في مباحثه ومناظرته فيما نرجو عن العصبية، بارك اللَّه تعالى فيه، وتدارك باللطف جميع حركاته، وسائر الخير الذي يرتجيه، وسلمه سفرا وحضرا، وألهمه أسباب الخيرات زمرا، وأنه ممن اشتغل في بلاده بنفسه