للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حنيفة وأتباعه لم يخرجوا عن كونهم من الأمة، ومن خير من دافعوا عن الدين الإسلامي -ورمي المترجم بالتعصّب من خصومه مردود، بأن مذمّة الخصم معلّلة، وتجريحه محجوج لخصومته، وبغضه- والحالة الوحيدة التى قد يرتكز عليها بعض ذوى الهوى هي أن أحد تلامذته أشار إلى ذلك في بعض مطبوعاته، ولكن حتى هذه الحجة منهارة، فإن ذلك التلميذ حرص بعد ذلك على التودّد إلى المترجم والإفادة من علمه والتفاخر بالانتساب إليه إلى يومنا هذا مما يدلّ على اعتذاره مما قال، والفعل يجب القول، والآخر ينسخ الأول، والحسنة تمحو السيّئة.

وقد يقول متورّع -وما أكثرهم حين لا يلزمون وأقلّهم إذا أدلّهم الخطب- قد يقول هذا المتورّع المتزهّد، أفلا نمسك عن قوم مضوا، ولعلّ لهذا السّمّ المعسول بعض الوجه إذا كان أذى المؤذي مات بموته، ولكن الطاعنين على أبي حنيفة لا تزال كتبهم موجودة على توالي القرون، بل زاد انتشارها بطبعها، وقد تجد من يميل إلى زيفها، فالردّ عليها كفيل بقمع المفسد المتهوّر ونفع التائه المتحيّر - والغضب لله لا يكون تعصّبًا، فإن رؤى بعد هذا أنه كذلك فنِعْم التعصّب هذا لأن السفيه إن لم يغلظ له في القول لا ينفكّ مصرًا على سفاهته ولا يفتأ سادرًا في حماقته.

وأىّ ورع يكون في الإمساك عمّن يقول إن إمام ثلثي الأمة فتّان هذه الأمة، وأن جنازته ترى في النوم عليها ثوب أسود، وحولها قسيسون (١) - أو أن يلبس جلد كلب، ويتوضأ بنبيذ، ويقول: إن هذه هي صلاة الأحناف (٢).


(١) انظر ص ٤٥٣ - ٤٥٤ من الجزء الثالث عشر من تاريخ بغداد طبع بمطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٤٩ هـ.
(٢) انظر ص ٥٦ و ٦٨ من كتاب مغيث الخلق لإمام الحرمين المطبعة المصرية بمصر سنة ١٣٥٢ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>