الأولى، وأسند الصيمري إلى يعقوب بن شيبة السدوسي أنه قال: زفر بن الهذيل عنبري من أنفسهم، يكنى أبا الهذيل، وكان قد سمع الحديث، ونظر في الرأي، فغلب عليه، ونسب إليه، ومات بـ "البصرة"، وأوصى إلى خالد بن الحارث، وعبد الواحد بن زياد، وكان أبوه الهذيل يلي الأعمال، ومات وهو والي "أصبهان"، وكان أخوه صباح بن الهذيل على صدقة بن تميم، وزفر هو زوج أخت خالد بن الحارث، ومات في أول خلافة المهدي سنة ثمان وخمسين ومائة.
وأول خلافة المهدي منتصف ذي الحجّة من السنة بعد وفاة والده أبي جعفر المنصور بـ "مكة" سابع ذي الحجّة، فلا تكون وفاة زفر في أول خلافة المهدي ما دامت وفاته في شعبان من السنة كما سبق، وسأعيد الكلام في وفاته في آخر هذه الرسالة، إن شاء الله تعالى.
قال ابن أبي العوام: حدّثني محمد بن أحمد بن حماد عن زكريا بن خلاد الساجي، ثنا الأصمعي قال داود بن يزيد المهلب (١) عن أبيه، فقال لابنه مخلد: استأذن لي على أبيك، فاستأذن له عليه، فدخل، فقال: السلام عليك أيها الأمير! قدرك أعظم من أن يستعان عليك، أو يستعان، (قال جاء زفر بن الهذيل إلى يزيد بن المهلّب وهو في حبس الحجّاج بك، وقد حملت خمسين حمالة، وقد قصدتك. فقال: قد أمرت لك بها، وشفعتها بمثلها. فقال زفر: والله لا أقبل منها شيئا. فقال له يزيد: ولم ذلك؟ قال: إني بذلت لك من وجهي أكثر مما بذلت لي من مالك. فخرج، ولم يقبل منه شيئا. قال ابن أبي العوام: قال أبو بشر (الدولابي): زفر بن الهذيل هذا هو جدّ زفر بن الهذيل
(١) وفي الأصل حاتم، وهذا والد يزيد، حفيد المهلّب، وصاحب الحكاية هو يزيد بن المهلّب مباشرة، فوهم في الاسم أحد الرواة، والحفيد لم يلحق الحجّاج، بل المحبوس في حبس الحجّاج هو الابن، وقد فرّ من المحبس، وتولى الولاية بدل الحجّاج عند وفاته، واستعاد منزلته التي كان أضاعها الحجّاج. (ز)