ثم قدم "الهند"، ولازم الشيخ محمد مير اللاهوري، وأخذ عنه الطريقة، ولبث عنده مدّة حياة الشيخ، ثم ذهب إلى "كَشْمِير"(١)، وبنى على "جبل سليمان" مسجدا وزاوية (خانقاه)، وحديقة، وقطن بها.
وفي "عمل صالح" أنه دخل "الهند" سنة ثلاث وعشرين وألف، ولازم الشيخ محمد مير ملازمة طويلة، وأخذ عنه، ثم رحل إلى "كشمير" في حياة شيخه، وتعود بأن يقيم بها فى الصيف، ثم يجيئ "لاهور"، ويشتو بها.
وفي "رياض الشعراء" أن شاهجهان بن جهانغير الدهلوي كلّما كان يرتحل إلى"كشمير" يتردّد إليه، ويدركه، ويحتظّ بمقالاته، وولده دارا شكوه كان من مريديه، وكذلك بنته جهان آرا بيغم.
وكان عارفا، مغلوب الحالة.
له مزدوجات عديدة في الحقائق، وله "تفسير القرآن"، لم يتمّ، وهو
تفسير غريب، قال فيه: إن قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} في شأن الأولياء، ومعناه أنه ختم على قلوب الأولياء لئلا يدخل فيها الوساوس النفسانية والهواجس الشيطانية، وختم على سمعهم، لئلا يدخل الكلمات من غير طائل، وعلى أبصارهم غشاوة، من سرادق العظمة والكبرياء وجلباب الحسن الأزلي، ولهم شراب عذب عظيم في الحلاوة. انتهى.
(١) وهي بكسر الكاف، وفتحها، وسكون الشين المعجمة، والعرب يسمّونها "قشمير" بالقاف، وهي في جهة الشمال الغربي حيث العرض ثلاث وعشرون درجة، وثلاث وثلاثون دقيقة، وهي في جهة الشمال الشرقي حيث العرض سبع وأربعون درجة، وأربع وخمسون دقيقة. قال الحموي في "المعجم": إنها مجاورة لقوم من الترك، فاختلط نسلهم بهم، فهم أحسن خلق الله خلقة، يضرب بنسائهم المثل، لهن قامات تامة، وصورة سوية، وشعور أثيثة على غاية السباطة، والطول، تباع الجارية منهم بمائتي دينار وأكثر. انتهى.