واختارت شيخنا المفتي رحمه الله ليكون عضوا من أعضائه، فلم يزلِ يعمل فيه بكلّ نشاط مدّة أربع سنوات.
وفي أثناء هذه المدّة، اقترحت الحكومة دستورا، فإذا معظمه ما يضادّ الشريعة الإسلامية القويمة، ولما استنكره علماء "باكستان"، أعلنت الحكومة أنها ستقبل ما يتفق عليه جميع العلماء من سائر الفرق الإسلامية، ظنّا منهم بأن هذا الاتفاق متعذّر لشدّة الخلافات بين الفرق الإسلامية المختلفة.
ولكن الفضل الكبير يرجع إلى العلماء المخلصين، ومن مقدّمتهم شيخنا رحمه الله تعالى، أنهم شمّروا عن سَوَاعدهم لتحقيق هذا الأمر الذى كانت العقول يستغفر به، واجتهدوا ليالي وأنهارا في جمع كلمة الإسلام، وحضّوا الفرق المختلفة على الاتّحاد لحماية الدين، حتى رضى علمائها بالاجتماع في محلّ واحد، وعقدوا في "كراتشي" مؤتمرا حافلا، واحتشدوا فيه من كلّ ناحية. وحقّا! كان هذا المؤتمر تاريخيا قد كذبت ما يصرخ به أعداء الدين، من أن العلماء لا يعرفون إلا الخلاف والنزاع، إذ اقترح هذا المؤتمر أساسا لدستور المملكة على منهاج الدين، بحيث أجمعت عليه الفرق، ولم يختلف فيه اثنان، ولم ينتطح فيه عنزان. ثم أعلنت الحكومة أصولا جديدة، ونشرتها إلى عوامّ المسلمين، واستعلمت فيها آرائهم. فشعر العلماء مرّة أخرى بالحاجة إلى مؤتمر كمؤتمر سابق، حتى يجتمع فيه العلماء، وينظروا فيها، ويقدموا آرائهم بإجماع واتفاق.
فاجتهد العلماء، ومنهم شيخنا رحمه الله لعقد هذا المؤتمر، وأتاح الله لهم الفوز والنجاح في هذا المشروع إلى أن أتم المؤتمر عمله، وأصلح الفساد، الذي كان الدستور الجديد يحتوي عليه.
ثم لم يزل أمر الدستور في شزر وحل إلى يومنا هذا، فتارة تتألّق الفضاء ببروق الأمل، وأخرى يحيط بها قتام اليأس والقنوط. ولكن الشيخ لم يأتل في