فيها؟ فكأنه كأن في قلوبنا، وأنكرنا، وظنّ أنه وقعتْ مسئلة معنتة، وأنا قد تكلمنا فيها بشيءٍ، فقال: ما هي؟ قلتُ: كذا وكذا.
فأمسك ساكتًا ساعة، ثم قال: فما كان جوابكم فيها؟ قُلنا: لم نتكلم فيها بشيءٍ، وخشينا أن نتكلم فيها بشيءٍ، فتنكره.
فسرى عنه، وقال: جزاكم الله خيرًا، احفظوا عنى وصيتى: لا تكلموا فيها، ولا تسألوا عنها أبدًا، انتهوا إلى أنه كلام الله عزّ وجلّ، بلا زيادة حرف واحد، ما أحسب هذه المسئلة تنتهى حتى توقع أهل الإسلام في أمر لا يقومون له ولا يقعدون، أعَاذَنا الله وإياكم من الشيطان الرجيم.
وسئل حفص بن مسلم عن القرآن، فقال: القرآن كلام الله، غير مخلوق، ومن قال: غير هذا فهو كافر.
فقال ابنه سالم: هل يخبر عن أبي حنيفة في هذا بشيء؟ فقال: نعم، كان أبو حنيفة على هذا، وما علمتُ منه يضره، ولو علمتُ منه غيره لم أصحبْه.
قال: وكان أبو حنيفة إمام الدنيا في زمانه، فِقهًا وعلمًا وورعًا، وكان محنة، يعرف به أهل الباع من الجماعة ولقد ضرب بالسياط على الدخول في الدنيا لهم، فأبى.
وعن أبي مقاتل: سمعتُ أبا حنيفة يقول: الناس عندنا على ثلاث منازل؟ الأنبياء من أهل الجنة، ومن قالت الأنبياء: إنه من أهل الجنة فهو من أهل الجنة.
والمنزلة الأخرى المشركون، نشهد عليهم أنهم من أهل النار.
والمنزلة الثالثة المؤمنون: نقف عنهم، ولا نشهد على واحد منهم أنه من أهل الجنة، ولا من أهل النار؛ ولكنا نرجو لهم، ونخاف عليهم، ونقول كما قال الله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ