ولا تحضر مظالم السلاطين، إلا إذا عرفت أنك إذا قلتْ شيئًا ينزلون على قولك بالحق، فإنهم إن فعلوا ما لا يحل وأنت عندهم ربما لا تملك منعَهم، ويظن الذين هناك أن ذلك حق؛ لسكوتك فيما بينهم وقت الأقدام عليه.
وإياك والغضب في مجلس العلم.
ولا تقصَّ على العامة؛ فإن القاصَّ لا بدَّ له أن يكذب.
وإذا أردتَ اتخاذ مجلس لأحدٍ من أهل العلم، فاحضرْ بنفسك، واذكرْ فيه ما تعلمه؛ كيلا يغترَّ الناس بحضورك، فيظنّون أنه على صفة من العلم، وليس هو على تلك الصفة، فإن كان يصلح للفتوى فاذكرْ منه ذلك، وإلا فلا، ولا ليدرس بين يديك، بل اتركْ أحدًا من أصحابك؛ ليخبرك بكيفية كلامه، كمية علمه.
وفوّض أمرَ المناكح إلى خطيب ناحيتك، وكذا صلاة الجنائز والعيدين.
ولا تنسني من صالح دعائك.
واقبل هذه الموعظة مني، وإنما أوصيك لمصلحتك، ومصلحة المسلمين. انتهى.
هذا، وقد آن لنا أن نحبس عنانَ القلم عن الجري في ميدان لا غاية لمداه، وأن نكفَّ لسانَ المقال عن تعداد ما لا سبيلَ إلى حصره، وليسَ يدرك منتهاه، على أن ما أوردنا منه فيه مقنع لمنَ نوَّر الله بصيرته، وطهر من دنس التعصّب سريرته، وأحسن في السلف عقيدته، ولم ينكر لأحد من الناس فضيلته.
ولقد صنف الفضلاء في مناقب هذا الإمام الجليل كتبًا لا تحصى، وأورد فيها من فضائله ومناقبه ما لا يستقصى، كل منهم معترف بأنه لم يبلغ