للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما رأتْ عَيْنايَ إنْسانا جَمَع حُسْنَ الصورة، مع لُطْف الأخلاق، وكمال التّواضع، وغَزارة الفضل، ومتانة الدين، والوَرَع، والنَّزاهة، وحُسْن الخَطِّ، وسُرْعة القلم، القُّدرة على الإنشاء نَظْما ونَثْرا، وفَصاحة اللِّسان، وعُذُوبة الألفاظ، الصِّدْق، والنُّبْل، والثِّقة، غَيْرِه. فلقد كان من أفْراد الدَّهر، ونَوادِرِ العصر، كاملَ الصِّفات، بَعيدَ المِثْل، قَلَّ، أن تَلِدَ النِّساءُ مِثْلَه.

ولقد تأدَّبْناه بأخْلاقِه، واقْتَدَيْنا بأفْعالِه، وتعلَّمْنا مِن فوائِدِه، وفَرائِده، واقْتَبَسْنا من عُلومِه، ما يُنْقَشُ بالخَناجِر على الخَنَاجِرِ. وأنْشَدنِي لنفسه (١):

تَحَرَّ فَدَيْتُكَ صِدْقَ الحديثِ … ولا تَحْسَبِ الكِذْبَ أمْرا يَسيرا

قال صاحب "إعلاء السنن": قتل شهيدا بـ "بخارى"، صابرا، محتسبا على يد الترك الكفرة، حين استولّوا عليها سنة ٦١٦ هـ.

فمَنْ آثر الصِّدْق في قَوْلِه … سيَلْقَى سُرُروا ويَرْقَى سَرِيرَا

ومن كان بالكذْب مُستَهْتَرا … سَيدْعو ثُبورا ويَصْلَى سَعيرا (٢)

سألتُ أبا بكر الفَرْغَانِيَّ عن مَوْلِدِه، فقال: أخْبَرَنِي والدِي، أنَّه يوم الاثنين، الثاني والعشرين (٣) من رجب، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، بـ "مَرْغِينان".

وبلَغنا أنَّه قُتِلَ شهيدا بـ "بُخارَى"، صابرا مُحْتَسِبا، على يَدِ كَفَرة التُّرْك، حين اسْتَوْلَوا على "بُخارَى"، في ذي الحِجَّة، سنة ستّ عشرة وستمائة، - تغمَّده الله تعالى برحمته، وأسكنه فسيحَ جَنّاته -.

ويأتي ولدُه عبد الجليل. نقلت هذه الترجمةَ برمَّتها من "الجواهر المضية".


(١) الأبيات في الجواهر ٢: ٣١٥.
(٢) في بعض النسخ "وإن كان"، والمستهتر، بفتح التاء الثانية: المولع بالشيء، لا يبالي بما فعل فيه، وشتم له.
(٣) لم يرد: والعشرين في الجواهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>