وصار له اخْتِصاصٌ بالملك الناصر صلاح الدين يوسف، وكان يُراسل مُلوك الأطْراف. ولما فتَح ديارَ "مصر"، سافر إليها، وأقام يُدرِّس، ويُفتِي، ويَعِظُ، ويُحَدِّث إلى حين وَفاتِه.
وكان فقيها فاضلًا، مليحَ الوَعْظ، غزيرَ الفضل، حَسَن الأخْلاق، مُتَديِّنا.
قال أبو محمد القاسم بن علي بن الحسين بن هبة الله بن الحافظ الدِّمَشقِي، فيما كتب به إلى بعض أصْحابِه: عبد الله بن محمد بن سعد الله أبو محمد البَغدادِيّ، الحنفيّ، الواعظ. أكبرُ تلامذة والِدي، وسمع منه الكثيرَ.
وقال لنا والدي: ما رأيتُ مِن الحنفية مَنْ يطلُبُ الحديثَ إلا ثلاثةً؛ شيخَنا أبا عبد الله البَلْخِيّ، ورفيقَنا أبا عليّ ابن الوزير الدِّمَشْقِيّ، وصاحبَنا الفقيه أبا محمد البَغْدادِيِّ.
وقال في "الجواهر": أبو عبد الله البَلْخِيّ، وأبو علي ابن الوزير، تقدَّم كلّ منهما، وأبو محمد البغْدادِىُّ هو صاحبُ الترجمة.
تفقَّه ببَلَدِه، ودرَّس بمسجد أسَد الدين.
وله أثَرٌ صالحٌ في التَّحْريض على قصْد "الديار المِصْرِيّة"، واسْتِنْقاذِها ممن كانتْ في يده.
وهو شديدُ التَّعَصُّب للسُّنَّة، مُبالِغٌ في عَداوَة الرّافِضة، حَسَنُ الأخْلاق.
تَولَّى التَّدريسَ بـ "القاهرة"، في مدرسة الحنفية السُّيوفِيَّة مُدَّةً، إلى أن مات بـ "مصر"، في سنة أربع وثمانين وخمسمائة. رحمه الله تعالى.
وكانتْ ولادتُه بـ "بغداد" في صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.