انقطعت هذه السلسلة، ولم يؤلفْ كتاب في طبقات الحنفية يحتوي على السادات الحنفية الذين جاءوا بعده.
فأوصاني وأرشدَني شيخى وأستاذي المحدّث الكبير البحَّاثة الناقد العلامة عبد الرشيد النعماني رحمه الله عزَّ وجلَّ، حينما أتممتُ مقالتي:"ما ينبغى به العناية لمن يطالع الهداية" تحت إشرافه في جامعة العلوم الإسلامية العلامة بنوري تاؤن بـ "كراتشى" إلى أن أؤلّف معجما كبيرا، يحتوي على جميع تراجم الأعلام الحنفية من المحدّثين والفقهاء، والسادات والنبلاء، فمن ذلك الحين لم أزلْ متشوّقا إلى استدراك أخبارهم، فإن الحاجة إليه لأصحابنا الحنفية أكثر، والاحتياج في بلادنا أظهر، فنظرتُ إلى الأسلاف والأكابر، فرأيتُهم أضم صنَّفوا في أحوالهم الدفاترَ، فمنهم من أفردَهم، كالحافظ عبد القادر الوفائي القُرَشى، والمجد الشيرازي، وقاسم بن قطلوبغا، والمَطب المكّى، والملا على القاري الهروي، وتقي الدين التميمى المصري، والعلامة عبد الحى اللكنوي، وغيرهم، ومنهم من خلطهم بغيرهم، كالجلال السيوطى، والحافظ الذهبي، والحافظ العسقلاني، والشمس السخاوي، والقطب اليافعي، والعلامة محمد خليل المرادي، ومحمد بن فضل الله المحبي، وغيرهم، رحمهم الله تعالى.
فصرفتُ عنانَ العناية إلى جمع تراجمهم، فكم طالعتُ فيه من كتب السير والطبقات وأسفار حوادث السنين والأوقات، فحصل عندي من ذلك الحظ الأوفر، واختزن منه القدر الأكثر، فخطر في خلدى أن أجمع ذلك في مجموع، هو منتهى الجموع، فالَّفْتُ كتابا مفردا حاويا لتراجم السادات الحنفية، من البداية إلى زماننا هذا، يشتمل على أخبارهم وفضائلهم ومناقبهم، وذكر مؤلّفاتهم ومصنّفاتهم ومحاسن أشعارهم ونوادر أخبارهم، بحسب الطاقة ونهاية القدرة.
وجعلت تراجمَ "الطبقات السنية" لتقى الدين التميمى في كتابي هذا مندمجةً، لكونه أكبر الكتب المتأخر، ونسخة "الطبقات" التي أمامنا من تحقيق الشيخ عبد الفتاح محمد الحلو، وناشرها دار الرفاعي بالرياض، وهذا الكتاب يوجد غير تام، آخر أرقام التراجم ١٣٨٨، وخُتِمَ في الطبع على فصل في من