" .. وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس، والثوريّ، والليث بن سعد، والأوزاعي، وأبي حنيفة، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وداود، ومحمد بن خُزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، وأبي بكر بن المنذر، ومحمد بن جرير الطبري، وأصحابهم". انتهى.
فمن يقرأ تراجم هؤلاء العُلماء الأعلام، والأئمة البرَرة الكرام، في كتب الرجال والتواريخ، يذعن لجلالة شأنهم وإمامتهم.
والحافظ ابن تيمية يعدُّ الإمام وصاحبيه في زُمرة هؤلاء الكبار، ويصفهم تارة "بالأئمة المتبوعين" وتارة: "بأئمة الإسلام المعروفين بالإمامة في الدين" ومرة "بأئمة أهل الحديث، والتفسير، والتصوّف، والفقه" ومرة يقول: "هم من أعظم الناس نظرا في العلم، وكشفا لحقائقه، ويعرف كل أحد زكَاءهم وذكاءهم" وأخرى يصفهم: "بأنهم الذين يبحثون الليل والنهار عن العلم".
فمن يكون موصوفا بهذه الصفات العُليا، فلا تَسأْل عن إمامته في الحديث، وثقته في الرِّواية، وكثرة إتقانه وضبطه، وحفظه وبراعته، وتضلُّعه في علوم الكتاب والسنة، فهؤلاء الذين قد جاوَزوا القنطرة، ووصلوا ذِروَةَ الكمال في العلم، وكُتُب الرجال والطبقات مشحونة بذكر فضائلهم ومناقبهم، وسارت الرُّكْبان بمآثرهم ومعاليهم، وقد جعل الله لهم لسان صدق في الآخرين، وجرتْ على أقاويلهم الفتاوى، وتبعتْهم الأمة، فلا يُقْبل في هؤلاء قول كلِّ قائلٍ يَرْميهم بسوءٍ أو تقصيرٍ في العلم والرواية، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.