وحصل له القبول العظيم، وذاع صيتُه في الآفاق، وبايع محمد علي، وشوكت علي من زعماء حركة الخلافة، وأصبح منزله مركزًا كبيرًا للندوات السياسية، ومضيفا لكبار الزعماء والقادة، ومشاهير العلماء والعظماء، من المسلمين وغير المسلمين.
أسّس جمعية، سماها خدّام الكعبة لحماية المقدّسات الإسلامية، ولما نشبت الحرب العالمية الأولى، وأفتى بعض العلماء بعدم إعانة الأتراك رفض الشيخ عبد الباري أن يفتي بذلك، وكان من كبار أنصار جمعية الخلافة، ومن الدعاة إلى التعاون السياسيّ بين المسلمين والهندوس، واتحادهم لمحاربة العدوّ المشترك، وأيّد حركة مقاطعة البضائع الأجنبية، وأسّس جمعية العلماء سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وألف.
ولما دخل الملك عبد العزيز بن سعود في "الحجاز"، وأزال القباب والأبنية عن "البقيع" و"المعلّاة" وأيّدته لجنة الخلافة، وهاجمت الشريف حسين والي "الحجاز"، اعتزل الشيخ لجنة الخلافة، وخالفها، وأسّس في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف جمعية، سماها خدّام الحرمين لمعارضة الحكومة السعودية وتصرّفاتها، وعقد لذلك الحفلات العظيمة، وخطب فيها الخطب المثيرة، ودام على هذا النشاط السياسيّ والحركة الدائبة إحدى وعشرين سنة، لا يفتر، ولا يهدأ، والناس بين إقبال إليه وإدبار وإطراء وانتقاد، حتى أصيب بالفالج لليلتين خلتا من رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف، وغشي عليه، وتوفي بعد يومين لأربع خلون من رجب سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وألف.
كان جسيما، وسيما، مربوع القامة، ضاربا إلى القصر، وردي اللون، قويّ البنية، مفتول الأعضاء، مواظبا على الرياضة البدنية، سريع السير، كان سخيا جوادا مضيفا، لا يخلو منزله من الضيوف، مبالغا في الإكرام، وكان شجاعا، جريئا، دموي المزاج، تعتريه الحدّة في أكثر الأحيان، ويغلب عليه الغضب، فيتجاوز حدّ الاعتدال، وكان وقورا، مهيبا، غيورا فيما يتّصل