إلى مجلس المفتي علاء الدين الجمالي، فلمَّا صار ملازما منه تقلّد بمدرسة قره كوز باشا بقصبة "كوتاهيه" بخمسة وعشرين.
ثم مدرسة إسحاق باشا بقصبة "إينه كول" بثلاثين، ثم مدرسة قبلوجه بمدينة "بروسه" بأربعين، ونقل عنها إلى مدرسة محمود باشا بـ "قسطنطينية" بخمسين، ثم نقل إلى إحدى المدرستين المتجاورتين بـ "أدرنه"، ثم عاد إلى إحدى المدارس الثمان، ثم نقل إلى مدرسة السلطان بايزيدخان بـ "أدرنه"، ثم قلّد قضاء "حلب"، ثم نقل إلى قضاء "مكة" شرّفها الله تعالى، ثم عزل.
ثم قلد قضاء "بروسه"، ثم نقل إلى قضاء "القاهرة"، ثم عزل، ثم قلد قضاء "مكة" ثانيا، وقد تيسّر لي الحجّ وهو قاض بها، وذلك سنة تسع وستين وتسعمائة، ثم عزل بهذه السنة، فلما عاد إلى وطنه مات من الطاعون سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وقيل: بلغ عمره إلى ستّ وسبعين سنة، ولم يعقّب وليدا ولا وارثا رشيدا، فأوصى بثلث ماله لوجوه الخيرات، فبنوا به بعض الحجرات، يسكنها فقراء الملازمين.
وكان رحمه الله من أعلام العلماء، وأكابر الفضلاء، صاحب يد في العلوم، مربي أفاضل "الروم".
وكان في زمن تدريسه كثير العناية بالدرس وجمع الأماثل، فلذلك اشتغل عليه كثير من الأفاضل.
وكان رحمه الله نافذ الكلام، صاحب اشتهار تام، كثير الإفادة، مقبول الشهادة، يقال: إنه لم يبلغ أحد ممن درس بالمدارس الثمان مبلغه في الاشتهار والظهور من بين الأقران، وكان يلقى مدّة إقامته بالثمانية سبعة دروس أو ثمانية، وهو بهذا التعيين والاشتهار لم يكن صاحب الإحاطة والاستحضار، وكان رقيق الحاشية، لين الجانب، تطيب النفس بصحبته.