قلتُ: فعلى هذا: ما رواه الإمام الليث بن سعد - ويشاركه فيه غيرُه -، عن الإمام أبي يوسف - ويشاركه فيه غيره - عن الإمام الأعظم أبي حنيفة، أو ما رواه الإمام الشافعي كذلك، عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني، عن الإمام الأعظم أبي حنيفة: يَجري فيه هذا الحكم، فإنه أيضا مُحْتَفٌّ بالقرائن، ومسلسل بالأئمة الحفَّاظ المتقنين.
بل قد يرجّح المسلسل بالأئمة على ما في "الصحيحين" أيضا، قال ابن حجر في "شرح النخبة": "قد يَعرضُ للمَفوقِ ما يَجعلهُ فائقا، كما لو كان الحديث عند مسلم مثلا، وهو مشهور قاصر عن درجة التواتر، لكن حَفَّتْ قرينة صار بها يفيد العلم، فإنه يُقدمُ على الحديث الذي يخرجه البخاري إذا كان فردا مطلقا، وكما لو كان الحديث الذي لم يخرجاه من ترجمةٍ وُصِفَت بكونها أصحَّ الأسانيد، كمالك، عن نافع، عن ابن عمر، فإنه يُقدَّم على ما انفردَ به، أحدهما مثلا، لا سيّما إذا كان في إسناده مَنْ فيه مقال". انتهى.
فعلى هذا ما رواه مالك، عن نافع، عن ابن عمر، يُقدَّم على الحديث الذي لم يخرجاه من ترجمة وُصِفتْ بكونها أصحَّ الأسانيد، وكذلك ما رواه أبو حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر، أو عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبَّاس، أو عن شيخه حمَّاد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود.